Dec 16, 2024
الحماية الاجتماعية في ظل الحرب في السودان: تحديات وفرص - د. احسان بابكر

الحماية الاجتماعية في ظل الحرب في السودان: تحديات وفرص - د. احسان بابكر

 

تُعدّ الحماية الاجتماعية ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في أي بلد. ومع اندلاع الحرب في السودان، برزت أهمية نُظُم الحماية الاجتماعية كأداة للتخفيف من معاناة الفئات الأكثر ضعفًا في ظل أزمات اقتصادية وأمنية حادة. لكن ما هي التحديات التي تواجه الحماية الاجتماعية في السودان في ظل الحرب؟ وما الفرص المتاحة لتعزيزها؟


قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023، كانت أنظمة الحماية الاجتماعية في السودان تعاني من ضعف هيكلي نتيجة لسنوات طويلة من الأزمات الاقتصادية والسياسية. ورغم الجهود المبذولة لتنفيذ برامج شبكات الأمان الاجتماعي كجزء من برامج  الحماية الاجتماعية الشاملة كالدعم النقدي المباشر وبرامج الغذاء المدعوم، إلا أن نقص التمويل وضعف البنية التحتية والاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية جعل هذه البرامج محدودة التأثير وغير قادرة على الاستجابة للاحتياجات المتزايدة.

ومع تصاعد النزاع، شهدت أنظمة الحماية الاجتماعية في السودان تدهورًا ملحوظًا نتيجة للأسباب التالية:

  1. تعطيل المؤسسات الحكومية: أدت الحرب إلى شلل في مؤسسات الدولة، بما في ذلك الوزارات المعنية بتقديم خدمات الحماية الاجتماعية مثل وزارة التنمية الاجتماعية وديوان الزكاة وصندوق المعاشات وغيرها.
  2. النزوح والتهجير القسري: نزح ملايين السودانيين من منازلهم، مما زاد الطلب على المساعدات الإنسانية والخدمات الاجتماعية في مناطق النزوح والملاجئ المؤقتة.
  3. الأزمة الاقتصادية: أدت الحرب إلى انهيار العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم، مما جعل الفئات الفقيرة غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية حتى في ظل وجود الدعم الحكومي.
  4. تعطل التمويل الدولي: تعتمد برامج الحماية الاجتماعية في السودان بشكل كبير على المساعدات الدولية. ومع تدهور الوضع الأمني، أصبح وصول الجهات المانحة والمنظمات الدولية إلى المناطق المتضررة أكثر صعوبة.

وفي ظل تراجع دور الدولة، لعبت المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني دورًا محوريًا في سد الفجوة. حيث قامت هذه الجهات بتوفير الدعم النقدي، والإغاثة الغذائية، والخدمات الصحية للمحتاجين. ومن أبرز التدخلات:

  • الدعم النقدي الطارئ: قدمت العديد من المنظمات الدولية بالشراكة مع المنظمات المحلية مثل منظمة نداء وغرف الطوارئ برامج مساعدات نقدية والتي شملت مشاريع التحويل النقدي والتحويل النقدي الجماعي والتحويلات النقدية متعددة الاغراض لمساعدة الأسر والمجتمعات على مواجهة آثار الحرب.
  • برامج الأمن الغذائي: تم إنشاء برامج لتوزيع الغذاء في مناطق النزوح، مع التركيز على الأطفال والنساء الحوامل.
  • الدعم النفسي والاجتماعي: عملت بعض المبادرات المحلية على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنازحين للتخفيف من آثار الصدمة.

رغم التحديات الكبيرة، تظل هناك فرص لتحسين بعض أنظمة الحماية الاجتماعية لاسيما شبكات الأمان الاجتماعي في السودان، حتى في ظل الحرب، من خلال:

  1. تعزيز الشراكات الدولية: يمكن توسيع التعاون مع المنظمات الدولية لتأمين تمويل مستدام وتوفير الدعم الفني لتطوير شبكات الأمان الاجتماعي.
  2. استخدام التكنولوجيا: يمكن الاستفادة من التكنولوجيا لتقديم الدعم النقدي وتحسين عمليات تسجيل المستفيدين من خلال أنظمة رقمية تسهل الوصول إلى المحتاجين.
  3. تمكين المجتمعات المحلية: يمكن تعزيز دور المبادرات المجتمعية لتقديم الدعم على المستوى المحلي، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
  4. برامج موجهة للفئات الأكثر ضعفًا: يجب أن تركز برامج الحماية الاجتماعية على النساء، الأطفال، وذوي الإعاقة الذين يتحملون العبء الأكبر في النزاعات.


في الخلاصة، تظل الحماية الاجتماعية أداة أساسية لتخفيف آثار الحرب في السودان، ولكن تحقيق ذلك يتطلب جهودًا متضافرة من الحكومة، المنظمات الدولية، والمجتمع المدني. ورغم التحديات الهائلة التي تواجه هذه الأنظمة، فإن الاستفادة من الفرص المتاحة والابتكار في تقديم الخدمات وتنفيذ برامج شبكات الأمان الاجتماعي يمكن أن يساهم في تقليل معاناة الملايين من السودانيين وتحقيق نوع من الاستقرار الاجتماعي في خضم الأزمة.

 

احدث المنشورات
Jan 27, 2025
سياسة المساعدات الدولية: رمال متحركة ومساحات متقلصة - د. خليل جبارة
Jan 07, 2025
تقرير تسليط الضوء على التقرير الوطني الطوعي حول التقدم في إحراز أهداف التنمية المستدامة في اليمن - 2024