فشل الكوب 29 في حشد التمويل كما في الحشد الدولي لانقاذ المناخ - حبيب معلوف
فشل الكوب 29 في حشد التمويل كما في الحشد الدولي لانقاذ المناخ - حبيب معلوف
كان متوقعا فشل
قمة المناخ (cop29) التي عقدت في باكو هذا العام لحشد التمويل
الدولي المطلوب لقضية تغير المناخ. استقطبت قمة باكو رؤساء دول
ومسؤولين حكوميين من أكثر من 100 دولة، اجتمعوا لمناقشة كيف يمكن للدول الأكثر
ثراءً دعم البلدان الضعيفة في الحد من انبعاثات الكربون، والتحول من الوقود
الأحفوري إلى الطاقة النظيفة، والاستعداد للتعامل مع الكوارث المرتبطة بالمناخ.
وكان المؤشر
الأول على الفشل غياب زعماء البلدان الثلاثة عشر صاحبة الانبعاثات الأعلى من
الكربون، والتي تتحمل مسؤولية أكثر من 70% من الانبعاثات العالمية (حسب آخر
تقييم العام 2023 )، وكان يفترض بها أن تدفع للدول النامية وتعوض عليها
وفق الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ المبرمة منذ العام 1992.
بعد تمديد
أعمال المؤتمر يومين، وبعد أن بدأ رؤساء الوفود بالمغادرة للعودة الى بلادهم،
وخوفا من أن يضيع النصاب (ثلثي الموقعين على اتفاقيات المناخ) سارع رئيس المؤتمر
مختار باباييف بالاتفاق مع بعض الدول الغنية المؤثرة الى ضرب مطرقته للإعلان عن نص
ختامي حول الهدف الكمي الجماعي للتمويل، خلاصته بان الدول المتقدمة ستدفع مبلغ 300
مليار دولار للبلدان النامية لتمويل تحولهم الطاقوي بحلول العام 2035. هذا الإعلان
الذي أثار موجة احتجاج كبيرة من قبل الدول النامية وفي طليعتها الهند التي ارتفع
صوت ممثليها اولا احتجاجا، أتت بعد موجات احتجاج متتالية في الأسبوع الثاني من
المفاوضات اعتراضا على نصوص متعددة كان قد وصل بازارها الى 250 مليار تم رفضها
بسرعة من الدول النامية التي كانت تقدر المطلوب بتريليون دولار حتى 2030 و1.3
تريليون حتى 2035. وكانت البلدان المتقدمة أثناء المفاوضات قد اعترفت بالحاجة الى
700 مليار، الا انها قالت انها لا تستطيع أن تتجاوز سقف 300 مليار دولار سنويا،
خصوصا في ظل وصول الرئيس ترامب الى البيت الابيض والمعروف بموقفه الرافض والمهدد
بالخروج من اتفاقية باريس المناخية سابقا. كما تم التأكيد مرارا بان الدول الغنية
لا تستطيع أن تدفع من ميزانياتها هذه المبالغ الضخمة المطلوبة، لذلك لجأت في قمة
العشرين مطالبة بوضع ضريبة على الثروات، اي إشراك القطاع الخاص ايضا في عملية
التمويل. وهنا برزت مشكلة جديدة، اذ تؤكد الكثير من الدوائر المشاركة في المفاوضات
بان هذه الأموال لن تكون الا على شكل قروض، او بشكل استثماري (اي عبر استثمارات
تبغي الربح)، خلافا لما ورد في اتفاقيات المناخ، تلك الإطارية التي وضعت العام
1992 واتفاقية باريس العام 2015 والتي تعتبر أن هذا التمويل هو واجب من الدولة
المتقدمة تجاه الدول النامية ويجب أن يدفع كتعويض وليس بمثابة قروض وديون جديدة.
وفي العودة الى
محتوى البيان النهائي لقمة باكو المناخية فقد اكد أن الهدف الكمي الجماعي
الجديد بشأن تمويل المناخ يهدف إلى المساهمة في تسريع تحقيق المادة 2 من اتفاق
باريس المتمثلة في إبقاء الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية أقل بكثير من
درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود الرامية إلى
الحد من الزيادة في درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة
الصناعية، مع الاعتراف بأن هذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من مخاطر وتأثيرات تغير
المناخ؛ وزيادة القدرة على التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ وتعزيز القدرة
على التكيف مع المناخ والتنمية المنخفضة الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري
بطريقة لا تهدد إنتاج الغذاء؛ وجعل تدفقات التمويل متسقة مع المسار نحو انخفاض
الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري والتنمية المرنة في مواجهة المناخ. كما أكد
البيان الختامي للقمة على نتائج أول عملية تقييم عالمية مشددا على الحاجة الملحة
إلى تعزيز الطموح والعمل لمعالجة الثغرات في تنفيذ أهداف اتفاق باريس. واعترف
البيان بالاحتياجات المقدرة المبلغ عنها في المساهمات المحددة وطنيا من البلدان
النامية والتي تقدر بنحو 5.1 الى 6.8 تريليون دولار أمريكي حتى عام 2030 . كما أخذ
العلم بتقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي قدر أن التمويل العالمي لمواجهة
تغير المناخ سيبلغ 455-584 مليار دولار أميركي سنوياً. وان احتياجات تمويل التكيف
بنحو 215-387 مليار دولار أميركي سنوياً حتى عام 2030 . وأقر بالفجوة بين تدفقات
التمويل المناخي واحتياجات التكيف في البلدان النامية.
وإرضاء
للبلدان النامية التي اعترضت على مقترحات التمويل المتدنية، اضيف فقرة في البيان
تدعو جميع الجهات الفاعلة إلى العمل معًا لتمكين زيادة التمويل للدول النامية
الأطراف من أجل العمل المناخي من جميع المصادر العامة والخاصة إلى ما لا يقل عن
1.3 تريليون دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2035. وهي بالطبع دعوة غير ملزمة لأحد.
حتى ما اقر في البيان الختامي اي أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة، بما لا
يقل عن 300 مليار دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2035 للدول النامية من أجل العمل
المناخي، ليس مضمونة او محددة المصادر والمسؤوليات والجهات، حين تتحدث الفقرة عن
"مجموعة واسعة من المصادر، العامة والخاصة، والثنائية والمتعددة الأطراف، بما
في ذلك المصادر البديلة". هذا التمويل سيكون في سياق "إجراءات التخفيف
والتكيف"، وليس هناك اشارة في هذه الفقرة من البيان الى الخسائر والأضرار
التي تحتاج إلى تمويل مضاعف، واضح أن البلدان المتقدمة لا تزال تتهرب من تحمل
كلفتها العالية. اما الفقرة (ج) من الاعلان النهائي فهي لا تزال تشير الى
"النية الطوعية للأطراف" في احتساب جميع التدفقات الخارجية المتعلقة
بالمناخ والتمويل المتعلق بالمناخ الذي تحشده بنوك التنمية المتعددة الأطراف. وقد
فشلت الدول النامية النامية مرة اخرى في تحويل المساهمات المالية التزامات واجبة
وحق من البلدان النامية على البلدان المتقدمة وليست "طوعية". كما تضمن
نص البيان الختامي تعابير مثل المنح والتمويل الميسر للغاية للتكيف والاستجابة
للخسائر والأضرار ، بما يشير الى إمكانية أن يكون معظم هذا التمويل عن طريق القروض
الميسرة وليس هبات كما كانت تنص الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. اما حول تحديد
الجهات التي يفترض أن يذهب اليها التمويل بأشكاله المختلفة، بحسب النص الأخير الذي
اقر في باكو، فهي تلك الدول "المعرضة بشكل خاص للآثار السلبية لتغير المناخ
مثل البلدان الأقل نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية" (وليس البلدان
النامية عامة)، مع الاشارة هنا الى محاولة التوازن بين التكيف والتخفيف في التمويل
حسب مطلب الدول النامية تاريخيا، اذ كان 80% يذهب الى التخفيف و20% الى التكيف، في
وقت يعتبر تمويل التخفيف هو "استثمار" من الدول الغنية بتكنولوجيا
الطاقة المتجددة التي تباع بيعا باغلى الاثمان الى الدول النامية ويديرها القطاع
الخاص، والتي تأتي تحت عنوان "التمويل الاستثماري" وليس تحت عنوان تعويض
من البلدان الغنية المسؤولة عن تغير المناخ للدول النامية التي تتلقى الكوارث
المناخية من دون أن تكون المساهمة الرئيسية في انبعاثاتها!
في الحصيلة،
كان هناك شبه اجماع على الشعور بخيبة الامل إزاء النص الاخير الذي اقر المتعلق
بالهدف الكمي الجماعي الجديد لتمويل المناخ (NOCQ) والعديد من المسائل الأخرى. ولم تنفع
مناقشات الوزراء ورؤساء الوفود لتقريب وجهات النظر حول هذه المشاريع فحسب، بل تمسك
كل منهم وخياراتهم المفضلة عبر قائمة طويلة من الفقرات، وصلت الى عشرات الصفحات،
حتى تم اختصارها فجأة من الرئاسة في اليوم الثاني المدد.
لم تكن
وجهات النظر مختلفة حول التمويل فقط، بل شملت ايضا برنامج عمل الانتقال العادل ( PTTJ)،
وبرنامج عمل التخفيف (PTA)، والمادة 6 من اتفاقية باريس المتعلقة ببيع
الكربون، والاستراتيجية العالمية لهدف التكيف (GAO)، وكيفية تنفيذ التقييم العالمي (WB)،
وتدابير الاستجابة، ونوعها، ونقل التكنولوجيا… وغيرها من المواضيع التي لم يحصل
تقدم مهم فيها. وقد وجد الكثير من الأطراف أن التركيز الكبير على التمويل وإهمال
باقي محاور التفاوض لم يكن في مكانه. وان المواضيع كان يجب أن تناقش وتقر في سلة
متكاملة، لأنها هي بحد ذاتها متكاملة التأثير.
اما الموضوع
الاكثر فعالية والاكثر جدية والذي اقر لاول مرة في قمة دبي العام الماضي المتعلق
بقرار "الذهاب بعيدا عن الوقود الاحفوري"، فقد تم رفض وضعه على جدول
الاعمال والبحث به باي شكل من الاشكال. في حين كان من المنتظر من ال 29 أcop ان
يحدد الاطار التطبيقي والتنظيمي للخروج من الوقود الأحفوري، بتحديد الآليات والمهل
الزمنية والإجراءات المطلوبة، كمثل تحديد متى يتم الوقف التدريجي للتنقيب
والاستخراج، وما هي التعويضات للدول التي تترك هذه المواد تحت الأرض… وغيرها من
الإجراءات والتعويضات المطلوبة للانتقال العادل للطاقة المتجددة. وقد ذهبت ورقة
المجتمع المدني العربي في هذا المجال الى المطالبة بتغيير النموذج الحضاري المسيطر
والتعايش مع فكرة العيش مع طاقة أقل، خصوصا في البلدان الغنية ذات الاستهلاك
العالي والمبالغ فيه على كل المستويات تحت عنوان "الرفاهية"، في وقت لا
يزال أكثر من 1.18 مليار شخص في جميع أنحاء العالم يفتقرون للوصول الى
الطاقة.
هلل البعض في
الكوب 29 بالنجاح بالموافقة على "معايير جودة ائتمان الكربون" او ما سمي
"قواعد استخدام أسواق الكربون" التي تعتبر مقدمة ضرورية لإطلاق
"سوق الكربون" على المستوى العالمي، مع العلم ان تجارة الكربون طرحها
رئيس الوفد الاميركي آل غور العام 1997 كمخرج للبلدان المتقدمة من تحمل مسؤولية
فشل "بروتوكول كيوتو" كحجة لكي لا تخفض انبعاثاتها. هذه التجارة
الموجودة ضمن الفقرة السادسة من اتفاقية باريس المناخية، تسمح للدول الكبرى
التي لا تريد او لا تستطيع ان تخفض انبعاثاتها المتسببة بالكوارث المناخية ان تقوم
بمشاريع صغيرة في البلدان النامية لسحب الكربون مثل التشجير او حماية الغابات و
تضاف الى رصيدها في خفض الانبعاثات. وفي وقت تعتبر مشاريع التشجير في معظمها
فولكورية، الا ان الدول الكبرى تفضل دفع القليل للبلدان النامية لمشاريع شبه وهمية
وغير مؤثرة في خفض الانبعاثات، على ان تتراجع عن نموذجها الحضاري والصناعي المدمر
ولا تخسر شيء من ارباح شركاتها المعولمة. وقد اعتبر البعض إقرار هذه الموضوع في
اليوم الأول من المؤتمر بمثابة إرضاء للولايات المتحدة الأميركية ورئيسها المنتخب
حديثا والمعروف بموقفه المناهض لاتفاقية باريس.
وعمليا اذا تم
احتساب حجم الغابات التي تم اقتلاعها من غابات الامازون ومحيطها منذ العام 1997 من
أجل زراعة الصويا التي تعتبر من اهم الأعلاف الحيوانية لزيادة إنتاج اللحوم
بالمقارنة مع حجم الاستهلاك الضخم للحوم في اوروبا واميركا لاسيما لصناعة طعام
"الهمبرغر" و"الاكل السريع" عموما ، لظهرت فجوة عميقة بين
الانبعاثات وطرق معالجة تغير المناخ، مع العلم أيضا أن تأثير غاز الميتان المنتج
من تربية الأبقار أكثر تأثيرا على المناخ ب٣٦ مرة من غاز ثاني اوكسيد الكربون. وان
انبعاثات الزراعة المكثفة حول العالم تشكل أكثر من 25% من الانبعاثات العالمية.
في هذا المجال
ايضا لم يحتل موضوع الزراعة الاهتمام اللازم في الكوب 29 وقد تم الاكتفاء بالبحث
في ورش عمل محددة وفي اطلاق مواقع إلكترونية حول تأثيرات تغير المناخ على الزراعة…
في حين كان يفترض أن تناقش تاثيرات الزراعة والتربية الحيوانية الصناعية والتجارية
والمكثفة على الانبعاثات العالمية (25% من الانبعاثات) لاسيما غاز الميتان الناجم
عن تربية الحيوانات واستخدام الأسمدة الصناعية المولدة لانبعاثات ثاني اوكسيد
النيتروز وهو غاز اقوى من الكربون ب200 مرة. وقد لوحظ في باكو حجم المشاركة الضخم
لممثلي كبريات الشركات العالمية الغذائية والزراعية والتي دخل معظمهم مع وفود
الدول الرسمية، مع انهم في الأساس ممثلي شركات لحوم وغذاء وأدوية وأسمدة زراعية،
حالو بحركتهم المكثفة دون طرح قضايا مثل خفض إنتاج اللحوم والحد من اقتلاع الغابات
لزراعة الأعلاف الحيوانية وضبط استخدام الاسمدة والمبيدات الزراعية وضبط التربية
والزراعة المكثفة… وهو الضغط نفسه الذين نجحوا في فرضه في قمة التنوع البيولوجي
التي عقدت مؤخرا في كولومبيا. وهو الدور نفسه الذي تلعبه شركات الوقود الأحفوري
تاريخيا في قمم المناخ.
في السياسة كان
لموقف الرئيس الأرجنتيني في الطلب من وفد بلاده بالانسحاب من القمة وقعا كبيرا
أيضا ومؤشرا على التناغم مع موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشكك، خصوصا
عندما وصف قضية المناخ ب"الكذبة الاشتراكية"! وهو موقف اعتبره البعض
بانه يمهد للانسحاب من اتفاقية باريس. في وقت توقعت مصادر متابعة اخرى أن ينسحب
ترامب نفسه من هيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ ووقف تمويلها من ناحية
الولايات المتحدة الأميركية.
في هذا الاطار
ايضا، بدأ الحديث في مؤتمر باكو عن ضرورة تغيير استراتيجية التفاوض بالنسبة للدول
او بالنسبة للامم المتحدة ايضا، لاسيما الفكرة التي تقول بضرورة أن يكون هناك
توافق واجماع على القرارات. فهناك من بدأ يدعو الى السير في القرارات والإجراءات
مع البلدان التي توافق والتي تعتبر اكثرية. وقد اعتبر هذا الكلام بمثابة مغامرة
خصوصا أن ليس هناك إلزام في اتفاقيات المناخ، ولا هناك عواقب وعقوبات دولية لمن
يخرج من الإجماع والاتفاقيات او لمن لا يلتزم. ولكن ماذا لو فاجأ ترامب العالم
بالانسحاب من هيئة الامم للمناخ ايضا ومن دعمها وتمويلها؟
لم ينتهي هذا
الكوب بحدث كبير يقلب المقاييس والتوقعات. ولكن يمكن أن تاتي نتائج افضل من اجتماع
متوقع بعد اسبوع من انتهاء الكوب 29، حيث سيجتمع أصحاب المصلحة الرئيسيين مرة أخرى
في محكمة العدل الدولية في لاهاي لحضور جلسات استماع طال انتظارها بشأن التزامات
الدول فيما يتعلق بتغير المناخ.
ورغم أن الآراء
الاستشارية للمحكمة ليست ملزمة قانونًا، فإن تقييم محكمة العدل الدولية، باعتبارها
الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، سيوفر إرشادات موثوقة بشأن طبيعة ونطاق
التزامات الدول فيما يتعلق بتغير المناخ بموجب القانون الدولي. وسيوفر معيارًا
قانونيًا واضحًا (بما في ذلك ما يتعلق بحقوق الأجيال القادمة) والذي سيغذي قضايا
المحاكم الوطنية والإقليمية ومفاوضات المناخ التابعة للأمم المتحدة.
واظبت المجموعة
التفاوضية العربية على اجتماعاتها التنسيقية كل يوم تقريبا، ولكنها لم تستطع أن
تخرج من دور المدافع عن مصالح البلدان النفطية واعتبار نفسها غير معنية بموضوع
التخفيف مع التخوف بأن تصبح جزء من المسؤولية التاريخية عن الكوارث المناخية اذا
لم تغير سياساتها الفعلية وتلك التفاوضية وتذهب للضغط على البلدان المتقدمة ليس
للدفع والتعويض فقط، بل لتغيير سياساتها الاقتصادية ونموذجها الحضاري
المدمر. وبالرغم من ذلك اتفقت المجموعة على الكثير من القضايا المبدئية كضرورة
تطبيق مبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة، من دون أن تذهب الى طرح اعادة
النظر بالتعريفات المتعلقة بالبدان النامية وتلك الغنية المصنفة منذ العام 1992 او
بتحمل المسؤولية التاريخية الممتدة وتلك المستحدثة مع دول مثل الصين اصبحت الاولى
في الانبعاثات العالمية وفي الاقتصاد العالمي… كما تطرح ورقة المجتمع المدني
العربي. وهذا لا يمنع من اعادة فتح الحوار والنقاش في الفترة الممتدة بين
المؤتمرات الدولية ذات الصلة واعادة التفكير ايضا بالمبادئ و الاستراتيجيات
التفاوضية والتحالفات. وقد لاقت ورقة موقف المجتمع المدني هذا العام اهتماما كبيرا
من وسائل الاعلام المشاركة في الكوب لاسيما العربية منها، بالرغم من قلة عددها.
كما ساهمت في فتح هذا النقاش المسكوت عنه عادة في مفاوضات المناح وما بين الدول،
والذي بات ضروريا مع تطور الكوارث ومع تسجيل كل سنة ارقام قياسية جديدة في كل شيء
تقريبا.
في الحصيلة
النهائية لقمة باكو المناخية، لم يتمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق بشأن مجموعة
من القضايا، بما في ذلك: الحوار بشأن تنفيذ نتائج جرد المخزون العالمي؛ برنامج عمل
الانتقال العادل؛ استعراض التقدم والفعالية والأداء للجنة التكيف؛ المراجعة
الثانية لوظائف اللجنة الدائمة للتمويل؛ المراجعة السابعة للآلية المالية؛
الارتباطات بين آلية التكنولوجيا والآلية المالية؛ التوجيهات إضافية بشأن سمات
المساهمات المحددة وطنيا؛ التقرير عن الحوار السنوي بشأن جرد المخزون العالمي الذي
يوجه إعداد المساهمات المحددة وطنيا؛ والعناصر الإجرائية واللوجستية لعملية جرد
المخزون العالمي بشكل عام. كما بقي الخلاف حول الأدوار المختلفة للهيئات الحاكمة
للاتفاقية واتفاقية باريس. والخلاف حول قضايا أخرى حول ما إذا كان ينبغي المضي
قدمًا في نتائج ضريبة السلع والخدمات، وخاصة فيما يتعلق بالتحول في مجال الطاقة.
وأعربت العديد من المجموعات والدول عن خيبة أملها إزاء عدم التوصل إلى اتفاق في
باكو، خاصة بالنظر إلى أهمية الجولة التالية من المساهمات المحددة وطنيا، والتي
سيتم تقديمها في عام 2025، لتجنب تجاوز هدف 1.5 درجة مئوية.
معلومات اضافية
انعقد مؤتمر
باكو لتغير المناخ في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر 2024 في باكو، أذربيجان مع تمديد
يومين اضافيين 23 و 24 نوفمبر. شكل المؤتمر الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر
الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والاجتماع التاسع
عشر لمؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع الأطراف في بروتوكول كيوتو (CMP 19)،
والاجتماع السادس لمؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع الأطراف في اتفاق باريس (CMA 6)،
والدورة الحادية والستين للهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية (SBSTA 61)
والهيئة الفرعية للتنفيذ (SBI 61).
في الحصيلة، تم تسجيل 66778 شخصًا لحضور المؤتمر، بما في ذلك 33158 مندوبًا من ممثلي الدول، و13386 مراقبًا، و3575 عضوًا من وسائل الإعلام، و14473 من موظفي الدعم والأمانة العامة. ومن بين المراقبين، كان 1880 متطوعا من أذربيجان، البلد المضيف. وسجل 3975 شخصًا آخرين، بما في ذلك 157 مندوبًا من الدول و3818 مراقبًا، للمشاركة عبر الإنترنت. ولم يتم تصنيف عدد المشاركين من المجتمع المدني والاكاديمي ولا من ممثلي الشركات والقطاع الخاص!