مداخلة شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية حول أسباب الفقر في لبنان - (2 نوفمبر/تشرين الثاني 2021) وحول وضع اللاجئين والمهاجرين في لبنان – (6 نوفمبر/تشرين الثاني 2021) خلال زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دو شوتر، إلى لبنان.
مداخلة شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية حول أسباب الفقر في لبنان - 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 - تحميل المداخلة
خلال زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دو شوتر، إلى لبنان
الفقر في لبنان
منذ عامين تقريبًا، يواجه لبنان أزمة اجتماعية واقتصادية كبيرة، يمكن اعتبارها واحدة من أكثر فترات الأزمات حدة منذ منتصف القرن التاسع عشر، هذا بالإضافة إلى أثر انتشار جائحة كوفيد-19 وانفجار 4 آب/أغسطس 2020 الذي أدى إلى تفاقم الوضع لاحقًا.
- يعاني سكان لبنان خاليًا من ارتفاع كبير في معدلات الفقر بسبب انخفاض مستوياتهم المعيشية.
- أظهرت الدراسات التي أجريت في منتصف التسعينيات أن ثلث السكان كانوا فقراء، كانت النسبة في العام 2019 تتراوح بين 25 و30٪، وهي الآن تُقدّر بـ75٪.
تفاوت كبير ومستمر في الدخل
- وفقًا لدراسة نُشرها "مختبر اللامساواة العالمي World Inequality Lab" في العام 2018، كان 10% من أغنى الأفراد في البلاد يملكون ما بين 49 و54% من الدخل القومي، وكانت %40 في المائة من الشريحة الوسطية تملك 34%، وأفقر 50% من السكان يملكون ما بين 12 و14% من الدخل القومي. مثل هذه الإحصائية تضع لبنان من ضمن البلدان ذات أعلى مستويات اللامساواة في الدخل في العالم.
- أظهرت الأزمة جانبًا جديدًا من اللامساواة ما بين أصحاب الإيرادات بالدولار الأميركي وأصحاب الإيرادات بالليرة اللبنانية.
الأسباب السياسية والاقتصادية للفقر واللامساواة
- حالت الدولة الما بعد باتريمونيالية دون تبني سياسات عامة عادلة، ما زاد من اعتماد الناس على الزعماء الطائفيين، ومحافظة هؤلاء الزعماء على قبضتهم على السلطة.
- تستند العلاقة بين النخب السياسية ورجال الأعمال على الصيغة التالية: تقدم النخبة التجارية دعمًا منتظمًا للنخب السياسية مقابل الإعفاءات الضريبية الكبرى وسياسات عدم التدخل والحد الأدنى من تدخل الدولة.
- أدّى النهب المباشر للخزينة اللبنانية إلى مستويات الدين العام المرتفعة اليوم. ونتيجة لذلك، استُخدمت معظم الأموال التي جمعتها الدولة من خلال سندات الخزينة لتسديد الفائدة بدلاً من تمويل برامج الرعاية الاجتماعية أو البنية التحتية العامة. وقد أثرى مخطط الربح المباشر هذا المصرفيين، كما النخب السياسية التي أصدرت السندات.
- اتبع لبنان منذ فترة طويلة نموذج الرأسمالية المفترسة، الذي يعتمد بشكل أساسي على النظام المصرفي والخدمات، وخاصة المالية والسياحة، ويقوض القطاعات الإنتاجية وذات القيمة المضافة.
17 تشرين الأول/أكتوبر
- شكّل انهيار القطاع المالي اللبناني فرصة لإصلاح اقتصادها السياسي غير السليم، وتفكيك نظام تقاسم السلطة الطائفي، واعتماد نموذج اقتصادي لبناني جديد أعيد تصميمه لتكون العدالة الاجتماعية في جوهره نظرًا لمستويات الفقر المدقع واللامساواة في لبنان.
- على أي خطة إصلاح في لبنان أن تُبنى على الإصلاح الضريبي والحماية الاجتماعية الشاملة.
لكن، وبعد عامين من 17 تشرين، تؤدي السياسات إلى مزيد من الفقر واللامساواة.
منذ عامين تقريبًا، تم تقييد ودائع اللبنانيين بالدولار، وإجبارهم على سحب أموالهم بالعملة المحلية مع اقتطاع حوالي 80٪ من قيمتها، ما أدّى إلى عواقب على صغار المودعين وتفاقم اللامساواة.
في العام الماضي، حددت الخطة الاقتصادية المالية قيمة الثغرة في النظام المالي بـ90 مليار دولار أميركي، لكن المصارف زعمت أنه مبلغ يفوق قدرتها على التغطية. وقد جرت مفاوضات لوضع خطة تعاف مالي تتضمن توزيعًا عادلًا لخسائر النظام المالي، ولكن من دون إنتاج أي شيء ملموس، للأسف.
لم يكن برنامج الدعم المُنفّذ في لبنان على مدى العامين الماضيين مكلفًا فحسب، بل كانت له أيضًا مفاعيل رجعية، حيث يستفيد الأغنى من الإعانات أكثر بكثير من المهمشين اقتصاديًا. وذلك لأن الأغنياء يتمتعون بإمكانية الوصول الأكبر والأكثر اتساقًا إلى السلع المدعومة من خلال قوتهم الشرائية. وقد كشف تحليل أجرته اليونيسف ومنظمة العمل الدولية أن 20% فقط من الإعانات تفيد النصف الأفقر من سكان لبنان.
على مستوى الحماية الاجتماعية، جرت مفاوضات مع المنظمات الدولية استهدفت مساعدة الفئات الأكثر فقرًا بمبادرات متفرقة ومستهدفة بعيدة عن المقاربات القائمة على حقوق الإنسان والشمولية، بما في ذلك:
1. إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF)
2. المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة للأزمة وجائحة كوفيد- 19 في لبنان (ESSN)
3. برنامج البطاقات التموينية بقيمة 556 مليون دولار بدلًا عن الدعم من خلال المصرف المركزي
4. توفير اللقاحات: الخطة الوطنية لتوزيع اللقاح والتطعيم للقاحات كوفيد-19
5. التحويلات النقدية الطارئة لليونيسف (ECT)
تتفق معظم النخبة السياسية اللبنانية على حاجة
البلاد لخطة إنقاذ يمولها صندوق النقد الدولي، الذي وضع مجموعة من الشروط ضمن الحزمة المقترحة، بما في ذلك الإصلاحات الهيكلية لزيادة الشفافية والاستقرار المالي، فضلاً عن الحد من الفساد والتهرب الضريبي. لقد أثبتت الطبقة الحاكمة في البلاد عدم رغبتها في تلبية مثل هذه المطالب، خوفًا من فقدانها امتيازاتها. وقد عُلّقت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي نتيجة لذلك.
تعتبر السياسات والمبادرات المختلفة المعتمدة بعد الثورة استمرارًا لـ"الكساد المتعمد" (البنك الدولي)، فقد أدّت إلى تعميق الفقر واللامساواة، وافتقدت الرؤية السليمة، وأظهرت عجز النخبة الحاكمة التي دفعت لبنان إلى الأزمة عن تقديم الحل. وبما أن الأسباب كانت سياسية واقتصادية، على الحلول أن متعددة الأبعاد وذات رؤية مستشرفة.
مداخلة شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية حول وضع اللاجئين والمهاجرين في لبنان – 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 - تحميل المداخلة
خلال زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دو شوتر، إلى لبنان
يستضيف لبنان أعلى نسبة لاجئين في العالم، حيث يعيش أكثر من 1.5 مليون سوري وفلسطيني داخل حدوده، غالبيتهم العظمى تحت خط الفقر.
اللاجئون فاقدو الأوراق الثبوتية
- هناك ما يقدر بـ3000-5000 فلسطيني من "فاقدي الأوراق الثبوتية" والذين يعتبرون في الغالب أكثر الفلسطينيين ضعفاً في لبنان. وقد وصلوا إلى لبنان في الستينيات، وهم لا يحملون هوية رسمية وصالحة. وفي غياب التوثيق والوضع القانوني في لبنان، يواجهون قيودًا على التنقل، وخطر الاعتقال أو الاحتجاز، بالإضافة إلى عقبات شديدة في استكمال إجراءات التسجيل المدني أو الحصول على حقوق أخرى.
- أصدر الأمن العام بطاقات الهوية الخاصة التي تمنحهم فقط حق التنقّل. لكن إصدار هذه البطاقة وتجديدها متوقّف في الوقت الحاضر.
- يجب أن تكون فترة التجديد ثلاث سنوات بدلاً من سنة واحدة.
- يجب تحديد آلية عملية لتجديد البطاقات، مع فترة زمنية محددة.
مبدأ عدم الإعادة القسرية
- في نيسان/أبريل 2019، سمح المجلس الأعلى للدفاع بالترحيل القسري للاجئين من خلال تسليمهم لسلطة بلدهم الأصلي. وبين أيّار/مايو وآب/أغسطس، تم ترحيل 2447 لاجئًا إلى هذه الدول. تم تنفيذ أوامر الترحيل بإجراءات موجزة من قبل الأمن العام دون التحقق من المخاطر عند العودة ودون منح اللاجئين حق الدفاع واللجوء إلى القضاء.
- لا يزال مصير الرعايا السوريين الذين تم ترحيلهم مجهولًا.
- بالرغم من التزامه بمبدأ عدم الإعادة القسرية، فقد تجاهل لبنان القانون الدولي بانتهاكه هذا المبدأ (وبالتالي المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب) ومن خلال التمييز ضد اللاجئين في انتهاك للمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- يوصى بتقيّد لبنان بصرامة بهذا المبدأ في الممارسة العملية، وأن يعزز حماية حقوق وحريات اللاجئين، بما في ذلك من خلال احترام التزامات عدم الإعادة القسرية.
- تبدو سياسة الترحيل واحدة من عدة إجراءات أدت إلى زيادة الضغط على اللاجئين السوريين للعودة، بما في ذلك الهدم القسري لملاجئ اللاجئين والتطبيقات الأكثر صرامة لقانون العمل.
عمل اللاجئين في لبنان ليس مجرّد حق، بل هو مصلحة مشتركة
الأثر الاقتصادي لوجود اللاجئين السوريين في لبنان
- يظهر عداء متزايد بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، لكن علينا الاعتراف بدور اللاجئين في الاقتصاد المحلي.
- استثمر المجتمع الدولي بكثافة في تحسين البنية التحتية والخدمات في محاولة لمواجهة تأثير اللاجئين على المجتمع المضيف، مما أفاد الشعب اللبناني بأكمله. وقد شمل ذلك البلديات والمجتمعات المحلية، مثلًا من خلال المشاريع التي تعمل على تحسين الخدمات وخلق الفرص الاقتصادية لجميع المجتمعات الضعيفة، واستخدام مخططات الزراعة الصغيرة لتعزيز دخل الأسر الريفية، وإقراض الأموال للشركات الصغيرة التي تواجه تحديات.
- وتشمل المبادرات أيضًا خطط عمل لكل من اللاجئين واللبنانيين، والتلقيح، والعلف للماشية، وإصلاح وتحديث المدارس، والبنى التحتية للمياه والصرف الصحي.
- لم يتسبب اللاجئون في الأزمة المالية التي تمر بها البلاد حاليًا. بل على العكس، يجب أن يُنظر إلى وجودهم على أنه فرصة لتعزيز القطاعات الإنتاجية خلال الأزمة لتقليص الفجوات في ميزان المدفوعات.
- قد تكون السياسة التي تهدف إلى دمج اللاجئين في الاقتصاد مفيدة من منظور كلي: يجب أن يُنظر إلى اللاجئين في لبنان بصفتهم مكمّلين للعمالة اللبنانية وليس كبديل عنها؛ وبالتالي، فإن الرفاهية الإجمالية للاقتصاد ستزداد عندما يتم دمج هذا العرض في الاقتصاد، لا سيما في القطاعات الإنتاجية. على سبيل المثال، يعد قطاعا الزراعة والصناعة أهدافًا مهمة يمكن أن تجتذب اللاجئين الذين سيساعدون بعد ذلك في تحسين الإنتاجية القطاعية. يمكن أن تحدث التنمية فقط عندما يتم إشراك المجتمعين ومشاركتهما.
- هناك حاجة إلى تطوير استراتيجية أكثر وضوحًا لإدماج المجتمعين وتحقيق التنمية من خلال القضاء على الهياكل التي تستمر في إنتاج اللامساواة والإقصاء والفقر.
اللاجئون الفلسطينيون في سوق العمل اللبناني
- لم يحدد القانون اللبناني الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين بالرغم من وجودهم في البلاد منذ 60 عامًا، وهو ما يزال يعاملهم كأجانب أو في بعض الأحيان كمجموعة خاصة من الأجانب، وبالتالي يُحرمون من بعض الحقوق الممنوحة للأجانب.
- على عكس العمال الأجانب، فهم يستهلكون ويدخرون في البلاد ويتمتعون بنمط استهلاك مشابه للبنانيين.
- يخضع اللاجئون الفلسطينيون للقرار الوزاري 17561/64 الذي ينظم مشاركة الأجانب في سوق العمل اللبناني، ويحتوي على 3 قواعد مقيّدة لهم:
أ. الأفضلية الوطنية.
ب. مبدأ المعاملة بالمثل، وهو شرط يستحيل تلبيته للفلسطينيين في ظل استحالة معناه المادي. وتم استبعاد هذا الشرط من خلال التعديلات القانونية من حظر العمل في الوظائف اليدوية والكتابية (المادة 59 من قانون العمل والمادة 9 من قانون الضمان الاجتماعي المؤرخ 17 آب 2010).
- أما بالنسبة للمهن الحرة والنقابية التي ينظمها القانون مثل الطب والهندسة والقانون، فإن الانضمام للنقابة شرط لمزاولة المهنة (20 نقابة)، الأمر الذي يستحيل على الفلسطينيين بسبب اللوائح الداخلية لتلك النقابات التي تنص على أن يكون عضو النقابة لبنانيًا أو أن يتم مبدأ المعاملة بالمثل. وبالتالي يحرم الفلسطينيون من حق الانضمام للنقابات والعمل في المهن المنظمة في نقابات.
ج. شرط الحصول على تصريح عمل قبل التوظيف:
- يصعب الحصول عليه عمليًا؛
- صلاحيته محدودة.
- يرتبط بالمساهمات الإلزامية التي يجب أن يقدمها كل من صاحب تصريح العمل وصاحب العمل إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي لا يحق للعامل الفلسطيني الحصول على المزايا الكاملة في المقابل، باستثناء تعويض نهاية الخدمة.
توصيات:
- إزالة العوائق القانونية والإدارية التي تحول دون حصول الفلسطينيين على فرص عمل عادلة وقانونية (من خلال إصدار المراسيم التنفيذية للتعديلات القانونية لعام 2010 بما يتماشى مع المعايير الدولية).
- استحداث تصريح عمل مجاني لمدة ثلاث سنوات، وذلك لتسهيل الإجراءات لكل من العامل وصاحب العمل.