ضعف تمويل التكيف والتخفيف فاقم الخسائر والاضرار - لنصوب المسار - هلا مراد
ضعف تمويل التكيف والتخفيف فاقم الخسائر والاضرار - لنصوب المسار - هلا مراد
لسوء الحظ، لم تختلف نتائج مؤتمر الأطراف الأخير الذي عقد في شرم الشيخ، اختلافًا كبيرًا عن مؤتمر الأطراف السابق الذي عقد في غلاسكو في عام 2021. ومع ذلك، كان هناك تطور رئيسي واحد لفت الانتباه: وهو قرار إنشاء صندوق للخسائر والأضرار. هذا الصندوق الذي يهدف إلى دعم المجتمعات الأكثر ضعفاً وهشاشة تلك المتأثرة بتغير المناخ، حيث تمت مناقشته بالتفصيل في المؤتمر وتم تقديم مسودة. ومع ذلك، تم سحب الاقتراح في غضون 24 ساعة لتأجيل القضية إلى مؤتمر الأطراف القادم في دبي في وقت لاحق من هذا العام. يعتبر هذا الصندوق من أكثر القضايا حساسية وأهمية على جدول الأعمال، وسيراقب إنشاءه عن كثب من قبل الكثيرين في المجتمع العالمي وخصوصاً المجتمعات الاكثر ضعفاً وهشاشة ، وذكر المجتمعات الأكثر ضعفاً يقودنا هذا عدة أسئلة حول مصير المنطقة العربية بما يتعلق بصندوق اللخسائر والأضرار؟ مرورا بالمطلوب من المنطقة العربية؟
مصير المنطقة العربية بما يتعلق بالخسائر والأضرار
يفرض تغير المناخ تهديدات خطيرة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط فهي واحدة من أكثر مناطق العالم ندرة في المياه مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار، تعاني المنطقة من موجات حرارة وجفاف وحرائق غابات أكثر تواتراً وبشدة غير مسبقة. فحسب تقديرات الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ في تقريرها السادس، فالمنطقة التي تعيش بها الشعوب العربية قد تواجه ظروفا اصعب مقارنة بما هو متوقع في مناطق أخرى من العالم. سيكون تكرار حرائق الغابات في المنطقة امرا واقعا كما حدث الصيف الماضي في الجزائر وتونس وتركيا واليونان وقد يمتد ذلك الى لبنان وتونس جراء موجات الجفاف وموجات الحر، مما قد يكبد الطبيعة والبشر خسائر مادية ومعنوية تفوق قدرتهم على تحمل تبعاتها دون وجود تدخلات مادية تعويضية يكون أساسها صندوق الخسائر والاضرار الذي يبذل المجتمع المدني العالمي والحقوقي اليوم جهود كبيرة من اجل اقتراح اليات لعمله تأخذ بعين الاعتبار أولويات المجتمعات الضغيفة والأكثر تعرضا وتأثرا. وبالتالي هذا يفرض علينا كمجتمع مدني عربي العمل من اجل ان يكون اقليمنا من المناطق التي تسجل وتعمل على رصد مجالات الخسائر والاضرار المادية وغير المادية و ان تكون حاضرة بقوة للدفاع عن حقوق الانسان العربي بتعويضات حول الخسائر والاضرار التي نجمت وستنجم عن تغيرات المناخ الوشيكة. حيث تعيش ضمن المنطقة العربية ما يقارب 6 بالمائة من عدد سكان العالم ولكنها بالمقابل لا تملك الا اقل من 1 بالمائة من المواد المائية المهددة بشكل كبير جراء تغير المناخ الذي سيكون الجفاف واحدة من أهم مظاهره والتي بدأت بالفعل فمنذ 1998 تشهد المنطقة جفافا متواترا، ولكن يبقى التساؤل ومجال العمل هو كيف نحكم على هذا الجفاف انه ناتج عن تغير المناخ وارتفاع معدل درجة حرارة الأرض والذي بلغ 1.1 درجة مئوية عن معدلاته ما بعد عصر الصناعة، وبالتالي نقول ان الجفاف من ضمن البنود الواجب العمل عليها و تعويضها من صندوق الخسائر والاضرار، حيث ينجم عن الجفاف فقدان الأراضي الزراعية والماشية مما يؤدي الى تهديد الامن الغذائي العربي بالإضافة الى خسارة مرتبطة بمدى توفر مياه صحية وآمنة ونظيفة للاستهلاك البشري المباشر وما ينعكس على صحة الانسان ورفاهه ، وفي صعيد اخر فأن المنطقة لديها تجارب سيئة من حيث وفرة الحصول على التمويلات المرتبطة بالتكيف والتخفيف مسبقا وبالتالي قد ينعكس ذلك على إمكانية بالوصول الى الأموال من الصندوق الجديد.
لماذا يجب علينا القلق والعمل؟
لنعود بالسنوات الى مؤتمر الأطراف بنسخته الخامسة عشر في كوبنهاجن من عام 2009 ،حيث تم التوصل الى اتفاق يؤكد تعهدا من الدول الغنية بالتبرع للدول الفقيرة بمبلغ 100 مليار دولار سنويا حتى العام 2020 لمساعدتها على التكيف مع تغيرات المناخ ، ولكن ما حدث كان ابعد من ذلك بكثير فلم يتجاوز الدعم المعلن من الدول 70 مليار دولار بشكل تراكمي حتى عام 2020 ، والأرجح ان هذه الأموال لم تكن على شكل منح بل شكلت المنح منها ما يقارب 25 مليار فقط حسب تقرير منظمة اوكسفام الدولية العام الماضي والباقي كانت ديون ، ان هذا المشهد القاتم يلقي بظلاله على الحالة العربية أيضا حيث أن إجمالي تمويل الصندوق الأخضر للمناخ الذي تلقته المنطقة العربية خلال الفترة 2016-2020 وصل إلى 90 مليون دولار فقط سنويًا للمشاريع على المستوى القطري في المنطقة، حيث في المتوسط يلتزم الصندوق الأخضر للمناخ بتمويل أقل من مشروعين وطنيين في المنطقة العربية سنويًا ، واذا اردنا ان نرى هذا الرقم من زاوية حجم التمويل المطلوب ل 11 دولة عربية فقط من اجل تنفيذ مساهماتها المحددة وطنيا فإن الرقم يناهز ال 570 مليار حسب تقديرات الكلف التي تقدمت بها الدول وبالتالي فإن مجموع ما تم تلقيه من تمويل في الفترة 2010-2020 لتنفيذ الأهداف المناخية الرئيسية لم يتجاوز 34 مليار دولار ، ويبقى القول أن الصفة العامة لتدفق التمويل للمنطقة يشوبه عدم توازن في توزيع الأموال عبر الأقطار العربية ، حيث ذهبت 92 في المائة من التدفقات خلال الفترة 2010-2020 إلى ستة بلدان فقط: مصر والعراق والأردن ولبنان والمغرب وتونس. كانت مصر والمغرب الأكثر نجاحًا في تحديد تكاليف وتعبئة التمويل المتعلق بالمناخ لتلبية احتياجاتهما ، حيث تلقتا أكثر من 60 في المائة من تدفقات المنطقة 21.6 مليار دولار خلال نفس الفترة .
كل ما سبق يقودنا الى حقيقة مفادها اننا نحتاج الى مزيد من العمل والتركيز على القضايا المرتبطة بأولويات المنطقة والعمل بشكل تكاملي عربي على المستوى الحكومي وعلى مستوى مراكز الدراسات والأبحاث وبشراكة مؤسسات المجتمع المدني من اجل مزيد من استقطاب التمويل المبنى على الاحتياج، والذي يجب أن ينصب في مجالات التكيف مع تغير المناخ وتعويض الخسائر والاضرار لأننا نتحدث عن أن التمويلات السابقة رغم قلتها ولكنها موجهة بنسب تصل الى ثلاثة اضعاف للتخفيف مقارنة مع التكيف واذا اضفنا موضوع الخسائر والاضرار فمن المرجح ضمن الجهود المتواضعة للدول العربية أن تكون الحصص التعويضية أقل ما يمكن، هذا اذا تجنبنا ما قد يحدث من تجاهل للمنطقة العربية ضمن هيكلية صندوق الخسائر والاضرار حيث ان المسودة الأولى في شرم الشيخ والتي سحبت كما ذكرنا تجنبت وضع منطقة غرب اسيا ( والتي تتضمن مناطق "الهلال الخصيب" بلاد الشام والعراق ) ضمن الهيكلية العامة ، واكتفت بالإشارة الى افريقيا كقارة لتكون منطقة الشمال الافريقي ضمنها، وهذا ما يتطلب أيضا جهودا كبيرة وانتباهاً في المفاوضات القادمة.
هلا مراد
مصادر ومراجع
تقرير التجمع تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (AR6(
ملخص لواضعي السياسات
https://report.ipcc.ch/ar6syr/pdf/IPCC_AR6_SYR_SPM.pdf
الاحتياجات والتدفقات المالية المتعلقة بتمويل المناخ في المنطقة العربية – تقرير بااللغة الإنجليزية للاسكوا
https://bit.ly/3MgtIQh
تقرير حول التغيرات المناخية في المنطقة العربية
https://arsco.org/article-detail-31976-8-0