سياسة الدمج
تتبنّى شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، مبدأ احترام وتأمين الحقوق لكل الناس ، وذلك انطلاقاً مما تكرّسه الشرعة العالمية لحقوق الإنسان في مادتها الأولى، بالإضافة الى كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وفي مقدّمتها الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ويرتكز هذا المبدأ على أساس إدراك جوهرية التنوّع والدمج الشامل المتمثلة في الاختلاف ما بين الأفراد من حيث الظروف الاجتماعية، والاقتصادية، او الهوية الثقافية، او الجنسية، او الاثنية، او العنصرية، او الدينية، او اللغوية، او الجغرافية، او بسبب الإعاقة على اختلاف أنواعها . فكل من هذه الخصائص يجب ان لا يتم اعتبارها كمسبّب لحرمان أي فرد من الافراد من الحق في المشاركة في الحياة والمجتمع وعملية الإنتاج . فلكل فرد الحق في المساواة في الاستفادة من كامل الحقوق، بما في ذلك التعليم، والعمل، والرعاية الصحية، والسكن والتنقّل، وحرية التعبير، والمشاركة في الحياة السياسية. وبذلك يصبح لزاما تكريس هذه الحقوق لكل النّاس من خلال التشريعات والسياسات والبرامج والأنشطة المحلية، والوطنية، والإقليمية، والدولية.
وبناء عليه، تلتزم شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية بتبنّي مبادئ ومعايير الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتضمّن برامجها إطلاق ومساندة المبادرات الرامية الى إحداث تحول نوعي وممنهج لضمان تكافِؤ الفرص وتأمين حق الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاركة والمساهمة في عملية التنمية. ويتأتّى هذا الالتزام عن الإدراك العميق لدى الشبكة لمدى تجذّر حالة الإقصاء والتهميش التي يعانيها الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظّماتهم التمثيلية جرّاء المفاهيم النمطية والتصوّرات المسبقة المتجذّرة في الثقافة والوعي الجمعيين لدى المجتمعات العربية. من هنا، تتولّد القناعة المطلقة لدى الشبكة بأن في نشر وتكريس ثقافة الدمج والتنوع في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية في دول العالم العربي ضمان لتحقيق فرص التنمية المستدامة، وكذلك توفّر وسائل العيش بكرامة واستقلالية لكافة الفئات المهمّشة على حد سواء، وبخاصة فئة الأشخاص ذوي الإعاقة. فقد كانت الشبكة منذ انطلاقتها تسعى الى ضمان إشراك منظّمات الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف المبادرات والفاعليات التي تنفّذها على الصعد كافة وفي مختلف المجالات المعنية بتعزيز حركة الحوار والضغط بالتّجاه وضع سياسات وتنفيذ البرامج التي من شأنها تكريس مفهوم التنمية المستدامة كحق من حقوق الإنسان. وبالفعل، كان لعدد من هذه المنظّمات الدور الكبير في إغناء هذه المبادرات وتحفيزها نحو اعتماد الاستراتيجيات اللازمة لتعزيز دمج قضية الإعاقة في مختلف القطاعات التي تشكّل محور عمل الشبكة.
وبالتزامها بالمبادئ والمعايير المبيّنة اعلاه، تهدف الشبكة الى:
العمل على تعزيز المساواة في تكافؤ الفرص بين كافة الفئات المهمّشة، وبخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك من خلال إدماجها في المبادرات والبرامج التي تنفّذها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. وعليه، تحرص الشبكة على تضمين هذه البرامج المطلبية منها او الدراسية للحيثيات التي تعكس بشكل فعلي موقع الأشخاص ذوي الإعاقة وقضاياهم، وذلك ربطا بمختلف المحاور والسياسات الصغروية (micro) او الكبروية (macro) التي تضطلع الشبكة بالعمل عليها ومتابعتها.
الحرص على ضمان تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظّماتهم الحقوقية المطلبية في مختلف البرامج والمبادرات والأنشطة التي تطلقها الشبكة على مختلف المستويات وفي مختلف المجالات المحورية. وعليه، تسعى الشبكة الى تعزيز أواصر التعاون والشراكة مع منظّمات الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك على المستوى الإقليمي، كما ومن خلال أعضائها الفاعلين على المستوى الوطني.
ولوضع هذه الأهداف حيّز التنفيذ، تلتزم الشبكة بالعمل على تبنّي الاستراتيجيات التالية:
- تضمين أنشطة الشبكة الإعلامية وتوعوية نشر ممنهج لثقافة وخطاب الدمج الشاملة التي تراعي جانبي التنوّع والحقوق، والتي تعمل على استهداف الرأي العام، وبخاصة صنّاع القرار في مختلف الجوانب والقطاعات التنموية،
- حث المنظّمات الأعضاء في الشبكة على ضرورة تعزيز العمل المشترك وبناء الشراكات ومنظّمات الأشخاص ذوي الإعاقة المحلية والوطنية لإطلاق حملات مطلبية دائمة تتبنى المنحى الحواري والتفاعل الإيجابي مع صنّاع القرار للرفع من مستوى وعيهم حول المفاهيم المرتبطة بقضية التنمية والإعاقة والدمج، وبالتالي تبيان الآليات المطلوبة للتجاوز بهذه القضية الى البعد العملي التطبيقي المحسوس وعلى مختلف الصعد السياسية والبرامجية،
- تضمين الأنشطة الحوارية التي تقيمها الشبكة مع مختلف الهيئات المانحة، بما في ذلك هيئات الامم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، محاور تحاكي تعزيز المناخ المطلوب للضغط على الحكومات في الدول العربية لتبنّي سياسات وبرامج تقوم على اسس ومعايير واستراتيجيات الدمج الاجتماعي والاقتصادي لقضايا الإعاقة على نحو ممنهج.
- العمل على وضع الدراسات والأبحاث والتقارير التي من شأنها تبيان اهمية العمل الممنهج المتجاوز للبعد القطاعي في التخطيط، والمبيّن بالتالي لأهمية وحتمية الترابط ما بين مختلف محاور وقضايا التنمية، بما في ذلك قضية الإعاقة، من حيث أثرها في تكريس وتعميم سياسات وبرامج الدمج،
- الضغط باتّجاه تكريس دعم المنظّمات المانحة للمشاريع والبرامج الرامية الى تعزيز البعد التقاطعي (intersectionality) ما بين مختلف فئات المجتمع المهمّشة وقضاياها، بما في ذلك فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك على الصعيدين التنمويّ والحقوقيّ، وبالتالي فرضه كشرط معياري لتقييم وقبول المشاريع المقدمة للتمويل،
- رفع درجة الوعي لدى أعضاء الشبكة حول أهمّية تكوين شبكات (networks) وتحالفات (coalitions) ومنصّات (platforms) ما بين مختلف قطاعات المجتمع المدني ومنظّماتها، تتخّذ الطابع الدائم قدر المستطاع، على ان تكون متضمّنة لمنظمّات تمثّل الاشخاص ذوي الإعاقة على اختلاف فئاتهم حكما، ويكون هدفها تعزيز العمل المشترك الدائم والتعاون في مختلف المجالات التنموية الكبروية او الصغروية على حد سواء، وتكون فرصة لتبادل الخبرات وتشكيل خطاب تنموي مشترك يتبنّى مفهوم الدمج لقضايا واهتمامات كل من الهيئات والمنّظمات المشاركة،
- تمكين أعضاء الشبكة في مجال تحفيز الرأي العام باتجاه رفض النموذج الرعوي القائم التي تتبنّاه مختلف الحكومات العربية، والذي تمثّله مؤسسات رعاية الإعاقة العازلة وغيرها، وبالتالي تبيان الآثار السلبية التي يعكسها هذا النموذج والذي يحول دون الوصول الى تحقيق اهداف التنمية المستدامة،
- تضمين برامج التدريب والتوعية التي تنفّذها الشبكة او المنظّمات الأعضاء لمضامين من شأنها تسليط الضوء على موقع الأشخاص ذوي الإعاقة في أي محور من محاور التنمية موضوع التدريب، وذلك بالاستعانة بما يتوفّر من مصادر خبرة ومعلومات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية،
- إجراء تقييم دوري للتحقق من مدى ملاءمة الموارد المادية لدى الشبكة والمنظّمات الأعضاء، كالأبنية والمعدات المستخدمة من حواسيب او مطبوعات او وسائل نقل، لمعاير الوصول والبيئة المادية المؤهّلة،
- الحرص على ان تكون كافة أنشطة الشبكة والمنظّمات الأعضاء مراعية للحد الأدنى من معايير الدمج والوصول للأشخاص ذوي الإعاقة، سوآءا لجهة أماكن انعقادها او المواد المستخدمة في تنفيذها،
- الاستعانة بمنظّمات الأشخاص ذوي الإعاقة او من لديه الخبرة، وذلك لإجراء عمليات التقييم والتخطيط المبيّنة أعلاه، وتحديد سبل تحقيق هذه الملاءمة من خلال تبنّي استراتيجيات مبتكرة لتجاوز عقبة الإمكانيات المحدودة لدى المنظّمات في هذا المجال،
- تضمين مشاريع التمويل التي تقدّمها الشبكة والمنظّمات الأعضاء الى الجهات المانحة لمعايير واستراتيجيات الدمج والوصول على ان يكون ذلك منعكسا في مختلف أبواب الصرف المبيّنة في الميزانيات المقترحة.