Jul 30, 2024
بين التحديات والفرص: رحلة النسوية البيئية في لبنان
بتول حمزي
مهندسة

الرجاء الضغط هنا لنبذة والمنشورات
بتول حمزي

بين التحديات والفرص: رحلة النسوية البيئية في لبنان - بتول حمزي 



في جميع أنحاء العالم، ثمة تحركات عديدة يقوم بها الناشطون والناشطات بهدف النهوض بتحقيق العدالة الجندرية في جميع المجالات، وذلك بوجه التحديات التي يتعرضون لها في مسيراتهم النضالية لدعم الحركات النسوية المستدامة. 

وفي لبنان تعد النسوية البيئية من أهم المجالات التي تتقاطع فيها العدالة الجندرية وتحقيق المساواة بين الجنسين مع الحفاظ على البيئة، وهي تتحدى الوضع الحالي وتراهن على الفرص في الوصول للموارد وإيصال الأصوات لبناء الاستراتيجيات التغييرية للتصدي لكافة جوانب اللامساواة المتقاطعة الأوجه



تتمثل أحد أبرز هذه التحديات في تنفيذ الأجندة الوطنية للمرأة والأمن والسلام، وخاصة فيما يتعلق بالبعد البيئي منها، لا سيما وأن التحديات البيئية المستمرة في لبنان، مثل تلوث المياه والهواء والتغيرات المناخية، مما يزيد من ضغوطات الحياة على النساء ويؤثر على دورهن في المجتمع والاقتصاد وفي بناء الاستراتيجيات النسوية التحويلية. وتقترن هذه الاستراتيجيات بالنهج الطويلة الأمد المستدامة لمعالجة الأسباب الجذرية للتحديات البيئية على النساء. 



 إن مصطلح النسوية البيئية تم إطلاقه من قبل النسوية الفرنسية "فرنسواز دوبون" باعتباره مصطلح يرتكز على القضايا البيئية وعلاقتها بالنسوية.  ولكن في عالمنا العربي عامة وفي لبنان خاصة، تعتبر المواضيع التي تطالب بها النسويات أكثر إلحاحا، ولا يوجد فكر نسوي بيئي واضح بشكل خاص. لذلك فإن أولى التحديات التي تواجه التحركات النسوية البيئية هي عدم الاعتراف المجدي بضرورة تلك التحركات، على الرغم من أن العدالة البيئية مرتبطة بشكل أساسي بالعدالة الاجتماعية. سيما وإن أكثر من يدفع ثمن تفاقم الأزمات البيئية وصنع السياسات الاقتصادية البيئية هم الفئات الاجتماعية الأكثر



وتتمثل التحديات الرئيسية التي تواجه النسوية البيئية في لبنان في التلوث البيئي وتأثيره على الصحة، حيث يعرض التلوث المستمر للمياه والهواء النساء لمخاطر صحية كبيرة، مما يقيد قدرتهن على المشاركة في صنع السياسات الموجهة للممارسات البيئية، كما تواجه النساء في المناطق الريفية والمجتمعات الفقيرة صعوبة في الوصول إلى الموارد الطبيعية الأساسية مثل المياه النظيفة والطاقة المستدامة، مما يعزز من فقرهن ويحد من فرصهن التعليمية والاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، تزيد التغيرات المناخية من تكاليف الصمود على النساء، وتجعلهن أكثر عرضة للفقر والتشرد في حالات الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف. 



في لبنان أيضا، تمثل التحديات الاجتماعية أيضا عائقا أمام تحقيق العدالة البيئية النسوية، حيث يعد توريث الأرض للنساء موضوعا جدليا، والقانون لا يجرم هذا المنع، مما يحول دون وصول النساء للأرض والاستفادة منها، لا سيما في المناطق الريفية الزراعية. وقد نرى في هذا الصدد، أن "النظام الأبوي قد تطور ليستغل كل ما يمكن استغلاله، باعتبار أن الطبيعة مجرد مورد قابل للاستغلال، وأن الهيمنة على الطبيعة لها صلة الهيمنة على النساء واستغلالهن".  بحسب ما تقول النسوية البيئية اللبنانية ديما قائدبيه. 

من ناحية أخرى، هناك فرص كبيرة لتعزيز النسوية البيئية في لبنان، حيث يمكن لتعزيز دور النساء في صنع القرارات البيئية أن يساهم في تحقيق تنمية مستدامة تعود بالفائدة على المجتمع بأسره. من هنا اهمية دعم التعليم والتدريب المستدام للنساء في مجالات الحفاظ على البيئة، لتمكينهن من اتخاذ أدوار قيادية في هذا المجال. كما وأن تمكين ووجود المزيد من النساء في مناصب السلطة واتخاذ القرارات، سيساهم في تسليط الضوء بشكل أكبر على القضايا البيئية وسيساهم بطرح حلول أفضل للجميع وبذلك يتم العمل على تغيير المواقف والممارسات. أيضا فإن تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لتبادل المعرفة والتكنولوجيا في مجال النسوية البيئية والمحافظة على البيئة يعتبر من أهم الفرص لتحقيق مطالب العدالة البيئية النسوية.



في الختام، تبرز النسوية البيئية في لبنان كقضية ملحة تتطلب تدابير عاجلة لتحقيق العدالة البيئية والاجتماعية. من خلال استثمار الجهود في تمكين النساء وتعزيز دورهن في حماية البيئة، يمكن أن نحقق أهداف التنمية المستدامة ونبني مستقبلا أفضل للأجيال القادمة في لبنان وفي جميع أنحاء العالم. وتوصلا لذلك، ينبغي تبني تعزيز التشريعات والسياسات التي تحمي حقوق النساء في مجال البيئة، بالإضافة إلى دعم برامج التعليم والتدريب للنساء في مجالات الحفاظ على البيئة. كما يجب تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال النسوية البيئية لتبادل المعرفة والتكنولوجيا والخبرات، وهذا سيساهم في تعزيز القدرات وتحقيق نتائج أفضل على المدى الطويل. ولعل أبرز المطالب لتحقيق العدالة البيئية تتجلى في تطبيق الأهداف العالمية والاتفاقات الدولية التي تشرع حق السكان بالعيش على أرضهم وعدم التعرض لهم من قوى احتلال أو شركات عابرة للحدود او أنظمة غير ديمقراطية تستغل مواردهم. 




. هذا المقال يرد ضمن الاصدار الخاص للنشرة الشهرية لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية لشهر تموز/يوليو 2024.  شارك في اعداده شباب وشابات من الشبكة العربية للشباب. الآراء والأفكار المطروحة في هذه المقالات تعبر عن وجهات نظر الكتاب ولا تعكس بالضرورة السياسة أو الموقف الرسمي للشبكة العربية.

حول الشبكة العربية للشباب:
تسعى الشبكة الشبابية الى توفير منصة اقليمية للشباب والشابات من مختلف دول المنطقة لسماع أصواتهم ، وتعزيز تفاعلهم مع مختلف قضايا التنمية وحقوق الانسان، وانخراطهم في التأثير على السياسات العامة.

احدث المنشورات
Dec 07, 2024
النشرة الشهرية لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024
Dec 03, 2024
الديون السيادية في المنطقة العربية: بين استدامتها وعدالة السياسات الضريبية - أحمد محمد عوض