انتخابات امة 2020 في الكويت... رياح تغيير أم في مهب الريح...
لا يختلف متابعان للشأن السياسي بالكويت، ان يوم 5 ديسمبر كان بمثابة نصر مبين لمعظم الكويتيين وذلك لعدة اسباب موضوعية فنسبة الاقبال المرتفعة على الاقتراع و التي بلغت ما يقارب 70% من اجمالي من يحق لهم التصويت فاقت العديد من أعتى الديمقراطيات في رد شعبي حقيقي لمقومات العهد الجديد و الذي بدأها الوريث الشرعي لمسند الامارة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بسلسلة من التغيرات شمله العديد من المؤسسات القطاع الأمني و كذلك الديوان الأميري و تأكيداتهم في النطق السامي على ضرورة البدء فورا في مكافحة الفساد و اصلاح النظام الديمقراطي و الاقتصادي، ناهيك عن التنظيم المحكم ليوم الاقتراع خاصة اننا في زمن وباء عالمي فتك بالمنظمة الصحية للعالم اجمع، فقد واجهه الكويتيون بالتزام وانضباط شديدين من خلال احترام البروتوكولات والاجراءات الصحية والحرص الكبير للجهات التي سهرت على التنظيم ان يكون محكما، هذا ويقر جميع الملاحظين ان انتخابات امة 2020 أوفت بأحد اهم المعايير الدولية عبر احترامها لعمومية ومباشرة وسرية الاقتراع.
يجرنا هذا النجاح الباهر لسؤال جوهري هل بات من الملائم ان ينام الكويتيون قريري العين؟ قطعا لا، فعند وضع التجربة على بوصله الديمقراطية نجد انه مازال ينقصنا عدة اصلاحات تتعلق خاصة بالجانب التشريعي المؤسسي لذلك فللوهلة الاولى تحيلنا نسبة التغيير المرتفعة الى عدة استفهامات هل حقا هو عهد جديد سيقطع مع مظاهر سوء الحوكمة خاصة في ظل بوادر ازمة اقتصادية علمًا ان القيادة السياسية تعهدت خلال هذا الانتخابات بالحياد وعدم دعم اي مترشح للانتخابات تاركه المجال للامة اختيار ممثليها دون تغليب لأي طرف على اخر.
ان رياح التغيير تستوجب اصلاحا عميقا للمنظومة القانونية المتعلقة بالانتخابات كي لا يكون الاصلاح في مهب الريح، لذلك وجب علينا اليوم قبل اي وقت مضى اعادة النظر في وزن الدوائر الانتخابية بحيث ان تقسيم المقاعد على الدوائر الانتخابية بحساب 10 مقاعد لكل دائرة لا يراعى مبدأ الحجم التمثيلي للمقعد ووزن الصوت الانتخابي لكل ناخب على سبيل المثال: تبلغ القيود الانتخابية بالدائرة الثانية 64965 قيداً تقدر بنسبة 11.4% من اجمالي الناخبين بجميع الدوائر في حين يبلغ عدد القيود الانتخابية بالدائرة الخامسة 166222 قيداً، وتقدر بنسبة 29.3% من اجمالي الناخبين بجميع الدوائر ثم ان اعتماد نظام الصوت الواحد غير المتحول يشكل عائقا امام مبدأ العدالة الانتخابية ويحد من بناء برامج انتخابية يمكن تنفيذها وتقييمها وبات ذلك واضحا من خلال غياب تيارات و كتل سياسية عن المشهد الانتخابي لعدم مقدرتها التأقلم مع هذا النظام باستثناء ثبات التمثيل الشيعي عند عدد 6 نواب بالإضافة الى عدم وجود ادارة انتخابية مستقلة عن السلطة التنفيذية تسهر على تنظيم الانتخابات ومن مهامها مسألة القيد الانتخابي والرقابة على الحملات الانتخابية واعداد رزنامة انتخابية واضحة وآجالها وفتراتها معلومة للجميع مسبقا.
عودا على مسألة الحملات الانتخابية و التي شهدت عدت عناوين رئيسية تركزت حول مكافحة الفساد والازمة الاقتصادية، فمن المنصف ان يحدد سقف معقول للصرف على الدعاية والاعلان الانتخابي لكي يكون لنا مرشحون يصعدون لمقاعد قبة عبد الله السالم بسطوة الافكار والبرامج لا بسطوة المال، يجرنا هذا الحديث بدوره للإشارة لجانب مهم للغاية مرتبط ارتباطا وثيقا بتمويل الحملات ومبدأ تكافؤ الفرص ألا وهو الاعلام، وما ادراك ما الاعلام، ففي جميع التجارب المُقارنة الديمقراطية يخضع العمل الاعلامي ايام الانتخابات لمعايير دقيقة تحرص على تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في الظهور الاعلامي لجميع المرشحين وتجرم التحريض والخطاب الطائفي والعنصري وخطاب الكراهية وتشمل هذه الضوابط الاعلام الحكومي او الخاص على حد السواء.
كما وجب وضع تشريعات او إجراءات تعزز المشاركة السياسية للمرأة وتضمن تمثيليتها فعدم وجود مثل هذه التدابير الاحترازية قلل من عدد المترشحات وذلك بحساب 33 مرشحة من اجمالي 395 أي بنسبة 8,35% وهي نسبة ضعيفة جدا، هذا بالإضافة الى عدم فوز أي مرشحه بثقة الامة.
ان اعادة النظر في السن الأدنى للانتخاب بـ 21 سنة و30 سنة للترشّح ضرورة ملحة لتعزيز مشاركة واسعة لجميع فئات المجتمع انتخابا وترشحا، تماشيًا مع التجارب الأخرى في المنطقة العربية ومع المعايير الدولية.
نهاية ... نأمل ان تكون رياح تغيير حقيقية، وخير ما نختم به:
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ...)
ماجد مفرج المطيري
رئيس مجلس إدارة جمعية الشفافية الكويتية