منطقة مشتعلة
العدد التاسع - ٥ تشرين أول/اكتوبر ٢٠٢٤
لا رادع لإسرائيل ولا حدود لإجرامها
غزة ولبنان في لهيب النار
يستمر القصف الإسرائيلي من الجو والبر والبحر في قطاع غزة مخلفاً المزيد من الضحايا المدنيين والنزوح وتدمير البنية التحتية المدنية. وتستمر العمليات البرية خاصة في بيت حانون وغرب بيت لاهيا في شمال غزة، وجنوب مدينة غزة، وشرق مخيمي البريج والمغازي للاجئين في دير البلح، وجنوب شرق خان يونس وشرق وجنوب رفح.
وفي لبنان تعرضت الضاحية الجنوبية لبيروت لأكثر من ثلاثين غارة ليل السب – الاحد في أعنف هجوم تعرضت له منذ بداية الحرب، في الوقت الذي تستمر فيه محاولات التقدم في القرى الحدودية على الجنوب، والغارات المتفرقة على القرى الجنوبية وفي البقاع.
وما يثير القلق هو تراجع الكلام عن مبادرات ديبلوماسية وتفاوضية في كل من غزة ولبنان، لاسيما بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني الى بيروت. فهل أقفلت الأبواب امام التفاوض واحتمالات وقف إطلاق النار سواء في غزة او في لبنان؟ وهل هناك انفراد إسرائيلي في ممارسة سياسة التدمير والقتل والتهجير باعتبارها اهداف قائمة بذاتها دون أي اهداف سياسية حقيقية معلنة لما تقوم به؟
وتصاعدت وتيرة التهديد الإسرائيلي لإيران حيث يتوقع ان تقوم خلال الساعات القليلة ففي حين طالب المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترامب نتانياهو بضرب المفاعل النووي الإيراني طالبه الرئيس بايدن بالابتعاد عن الأهداف النووية والنفط. علما ان معظم الدول الأوروبية دعت الى التهدئة.
يبدو المجتمع الدولي غير قادر او غير راغب في كبح جماح حكومة إسرائيل التي تطلق المواقف العدائية والتهديد ضد أي موقف دولي يخالف ممارساتها او يحاول التخفيف من اندفاعها. فبعد إعلانها ان أمين العام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس شخصا غير مرغوب به في إسرائيل، استخدمت لهجة عدائية ضد الرئيس الفرنسي الذي طرح فكرة منع تصدير السلاح الى إسرائيل كوسيلة للضغط عليها لضبط ممارستها الحربية. في حين ان المواقف الأميركي لا تزال عند سقوفها السابقة التي لا تشكل أي رادع فعلي لحكومة إسرائيل رغم تكرارها انها تعمل على وقف إطلاق النار، ولكن دون أي اجراء مؤثر في هذا الاتجاه.
التطورات الميدانية
تواصل القصف الجوي الإسرائيلي لجميع أنحاء لبنان بما فيها محافظتي جبل لبنان الجنوبي والشمالي وطال أول أمس محافظة الشمال – مخيم البداوي على أطراف طرابلس. وأشارت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع- وحدة إدارة مخاطر الكوارث إلى أنه "خلال الأربعة وعشرون ساعة الماضية، تم تسجيل 106 غارات جوية وقصف على مناطق مختلفة من لبنان تركزت بمعظمها في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية والبقاع ليصل العدد الإجمالي للاعتداءات منذ بداية العدوان إلى 9,073 اعتداء".
وصدر عن وزارة الصحة اللبنانية حصيلة الشهداء والجرحى خلال الأربعة وعشرين ساعة الماضية، حيث تم تسجيل 25 شهيداً و127 جريحاً، ليرتفع العدد الإجمالي منذ بدء العدوان إلى 2,036 شهيداً و9,662 جريحاً. (البيان صادر مساء السبت). في حين صرحت وزارة الصحة لفاينانشال تايمز ان 50 عاملا صحيا في القطاع الصحي ضحايا القصف الإسرائيلي على لبنان في 3 أيام.
وسجلت وزارة الصحة العامة مع منظمة الصحة العالمية حتى 4 تشرين الأول إغلاق 96 مركزا وعيادة للرعاية الصحية الأولية، ووفاة 77 عاملا صحيا، وإصابة 74 عاملا صحيا، واستهداف العديد من المراكز الصحية بما في ذلك مراكز إرسال سيارات الإسعاف مباشرة، وإجبار مستشفى واحد في الجنوب على إخلاء موظفيه ومرضاه. لتاريخه.
وأشارت منظمة اليونيسف الى مقتل أكثر من 100 طفل في لبنان خلال 11 يوما و690 طفلا اخر أصيبوا في الأسابيع الستة الأخيرة بسبب العدوان الإسرائيلي.
وأنذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، في بيان، اليوم السبت، سكان 30 قرية جنوبية طالباً منهم مغادرة منازلهم. كما استمر الجيش الاسرائيلي في منع عمليات الإنقاذ في أماكن القصف في الضاحية الجنوبية، حيث تعرض فريق من الصليب الاحمر والدفاع المدني اللبناني لغارة تحذيرية ما أجبرهم على التراجع والانسحاب.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة 38 جنديًا إسرائيليًا خلال ال 24 ساعة.
واستمر القصف العنيف ليلا على الضاحية الجنوبية لبيروت والقرى الحدودية مخلفا دمارا كبيرا وحرائق استمرت حتى ساعات الصباح الأولى ليوم الاحد، فاستهدفت الضاحية الجنوبية بـ 30 غارة في ليلة واحدة مستخدمة فيها أنواع جديدة من القذائف. وقد شعر سكان بيروت بهزة أرضية نتيجة الغارة.
وقد أعلن البنتاغون - وزارة الدفاع الاميركية - ان الجيش «الإسرائيلي» سيبقى لفترة في لبنان وصرّحت وزارة الخارجية الاميركية إن ادارة الرئيس بايدن ترى من المناسب لـ «اسرائيل» ان تواصل هجماتها البرية والجوية على حزب الله في الوقت الحالي مضيفة انه من المستحيل تحديد المدة الزمنية لتحقق الهدف الذي هو تدمير البنية التحتية لحزب الله في جنوب لبنان "من اجل اعادة مستوطنيها الى الشمال".
على المستوى السياسي
صدر بيان عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي نافيا حصول أي توتر اثناء اللقاء مع وزير الخارجية الايراني، وان الاجتماع لم يكن عاصفا، بل كان ضمن الاصول الديبلوماسية المتبعة.
أكدت أجواء الحكومة اللبنانية على ضرورة وقف إطلاق النار فورا وتطبيق قرار مجلس الامن 1701 ونشر الجيش اللبناني جنوبي الليطاني بدعم من قوات الطوارئ الدولية، بما يسمح لمستوطني الشمال العودة الى بيوتهم وانتخاب رئيس توافقي للجمهورية. خلافا للاقتراح الذي حاول وزير خارجية إيران تمريره اثناء زيارته الى بيروت اول أمس طالبا بعدم فصل المسارات بين غزة ولبنان والاستمرار بالحرب الى حين التوصل الى صفقة شاملة. علما ان حزب الله قد وضع هذه الملفات بعهدة الرئيس نبيه بري ليتصرف بما هو مناسب. ولفت النظر تصريح لوزير البيئة ناصر ياسين ذكر فيه صراحة ان موقف الحكومة هو تطبيق القرار 1701 وعدم ربط مسار وقف إطلاق النار في لبنان مع غزة. وفي حوار مع الجزيرة اعلن احد نواب كتلة الوفاء للمقاومة (كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني) حسين الحاج حسن بان حزب الله مع وقف اطلاق النار كأولوية مع إمكانية البحث في موضوع ربط الساحات (خلافا للموقف الإيراني).
الاستجابة الإنسانية: تخوّف من انهيار النظام الصحي
أعلنت وحدة إدارة الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية أن عدد النازحين ارتفع إلى مليون و200 ألف شخص، بينهم 172 ألفا مسجلين في مراكز الإيواء.
حذر منسق لجنة الطوارئ في الحكومة اللبنانية وزير البيئة ناصر ياسين (في حديث الى قناة الجزيرة) من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى تحول أزمة النزوح الإنسانية إلى كارثة شاملة، لا تؤثر فقط على لبنان، بل أيضا على الدول الأخرى، خصوصا الأوروبية، التي قد تستقبل النازحين اللبنانيين وغير اللبنانيين.، مؤكدا أن الحرب والتدمير يجب أن تتوقف فورا.
أعرب وزير الصحة اللبناني عن مخاوفه من انهيار النظام الصحي مشيراً إلى أن 50 فردًا من الأطقم الطبية والإسعافية استشهدوا خلال 3 أيام الأخيرة. و وجهت نقابة أطباء لبنان نداء "عاجلًا" إلى منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة لوقف "المجزرة" الإسرائيلية بحق الجهاز الطبي اللبناني، وحذرت من ان سلسلة التوريد مهددة ما قد يوصل الأوضاع الى الاسوأ.
أكد وزير الاقتصاد امين سلام ن البضائع المخزنة في لبنان تكفي لمدة 4 أشهر وسيتم استقبال كميات كبيرة من المساعدات الاسبوع المقبل.
مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، ندّد لدى وصوله إلى بيروت، بما يواجهه لبنان من " أزمة مروعة" بعد فرار مئات الآلاف من منازلهم وأعرب عن تضامنه مع المتضررين ودعمه للجهود الإنسانية وطلبه للمزيد من المساعدة الدولية. قال إن أكثر من 200 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا منذ أن بدأت إسرائيل حملتها الجوية ضد لبنان، ومن بين هؤلاء مواطنون لبنانيون وسوريون، قبل ان تقصف إسرائيل المعبر بين البلدين.
المواقف الدولية
سجال فرنسي إسرائيلي حول الحرب في لبنان اذ دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وقف تسليم السلاح إلى إسرائيل الذي تستعمله في حربها المستمرة على غزة واكد ان بلاده لا تسلم إسرائيل هذه النوعية من الأسلحة. ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو على دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اول من أمس الى الكف عن توريد الأسلحة الى إسرائيل بانها عار ما اعتبره الاليزيه مبالغة. فالموقف الفرنسي الذي يؤيد امن إسرائيل يدعوها لوقف إطلاق النار فورا ويرفض استمرار الحرب.
صدر عن القمة الفرنكوفونية بيان خاص حول لبنان دعا الى حد للهجمات على لبنان ووقف فوري ودائم للنار.
كما صرح وزير خارجية ايرلندا بان العمليات العسكرية الإسرائيلية في منطقة الخط الأزرق (الحدود الفاصلة بين لبنان وإسرائيل) هي انتهاك غير مقبول لقرار مجلس الامن 1701.
قال الناطق الرسمي باسم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان "اليونيفيل" أندريا تيننتي، إن الجيش الإسرائيلي كان قد أبلغ اليونيفيل في 30 سبتمبر عن نيته القيام بعمليات توغل برية محدودة في لبنان، كما طلب منهم نقل بعض مواقعهم.
الفاتيكان على لسان البابا فرنسيس أكدَّ أن الكنيسة لا تستطيع البقاء صامتةً أمام المعاناة الإنسانية في لبنان.
قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك يوم الجمعة إن عدد القتلى المدنيين في لبنان جراء الحملة الإسرائيلية على حزب الله "غير مقبول ابداً". وأضاف أنه يجب على جميع الأطراف بذل كل ما في وسعهم في جميع الأوقات لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وضمان عدم تعرض المدنيين للأذى على الإطلاق.
أكد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وقوف بلاده إلى جانب الشعب اللبناني في ظل الظروف التي يمر بها، مجددا موقف الدولة تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه.
وتلقى رئيس الوزراء القطري اتصالاً من وزير الخارجية الأميركية بحثا فيه جهود إنهاء الحرب على غزة وسبل خفض التصعيد في لبنان.
في غزة: استمرار قصف الملاجئ
سلسلة من الغارات الإسرائيلية استهدفت شمال قطاع غزة، وشهد اليوم قصفاُ على مناطق سكنية، وارتكاب ثلاث مجازر ضد العائلات، كان في حصيلتها استشهاد 25 فلسطينيا و66 مصابًا خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم السبت، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 41825 شهيدًا إلى جانب أكثر من 96910 مصابًا منذ الـ 7 من أكتوبر الماضي. وأضافت أنه في "اليوم الـ 365 للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ما زال عدد من الشهداء تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
أفاد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أن ما لا يقل عن ست مدارس ودار أيتام تعمل كملاجئ للنازحين تعرضت للقصف في الأيام الأربعة الماضية، داعيًا الجيش الإسرائيلي إلى إنهاء نمط الضربات في غزة على المباني التي تعمل كملاجئ للنازحين على الفور. كما دعا مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "الجيش الإسرائيلي إلى إنهاء نمط الضربات في غزة على الفور مستهدفا المباني" التي تعمل كملاجئ للنازحين داخليًا.
وتفيد منظمة أطباء بلا حدود أن المرضى الشباب من غزة الذين يتلقون العلاج في مستشفى أطباء بلا حدود للجراحة الترميمية في عمان، الأردن، يعانون من مزيج من اضطراب ما بعد الصدمة ومتلازمة الإجهاد الحاد، وسيحتاجون إلى العلاج النفسي لسنوات للتعلم على كيفية التعايش مع الأحداث المؤلمة التي مروا بها.