مؤشر مدركات الفساد لعام 2022م، تطور مركز البحرين على المؤشر وحالة الدول العربية
مؤشر مدركات الفساد لعام 2022م، تطور مركز البحرين على المؤشر وحالة الدول العربية. – شرف الموسوي
مقدمة.
مؤشر مدركات الفساد، تصدره منظمة الشفافية الدولية TI سنويا منذ العام 1995، ومنذ إطلاقه أصبح هذا المؤشر، أحد أهم مؤشرات القياس عالمياً حول البيئة المساعدة على تفشي الفساد في القطاع العام، وتعتمده بعض المؤسسات الدولية والأكاديمية في العديد من الدراسات، كما تهتم الدول بهذا المؤشر والعمل على تحسين موقعها عليه بشكل سنوي لما له من انعكاس ايجابي على فرص استقطاب الاستثمارات الأجنبية والبيئة الاقتصادية المشجعة على الاستثمار.
أصدرت الشفافية الدولية مؤشرها بتاريخ 31 يناير 2023 ويغطي المؤشر هذا العام 180 بلدا وإقليما في العالم، يتم اعداد هذا المؤشر بواسطة مكاتب دراسات تعتمدهم الشفافية الدولية ويعتمد هؤلاء الخبراء للوصول الى تقييم الدول في المؤشر على 13 مصدراً مختلفاً للبيانات من 12 مؤسسة مختلفة تقدم تقاريرها بشكل مستقل، ويعكس تقييم الخبراء والمسؤولين التنفيذيين على المستوى العالمي لعدد من مظاهر الفساد في القطاع العام. وتعتمد أغلب المؤشرات على التقصي والدراسة والبحث بالإضافة الى قائمة الاستبيانات. وما يجب التأكيد عليه هو إن المؤشر لا يشمل على احصائيات أو معلومات أو مؤشرات عن التهرب الضريبي أو غسيل الأموال أو التحويلات المالية غير المشروعة. ويظهر تحليل المؤشر أن الدول التي حققت نتائج جيدة، لديها إنفاذ قوي لقوانين مكافحة الفساد ولوائح لتنظيم تمويل الحملات الانتخابية ومشاركة واسعة للمشاورات السياسية للشعب، وأهتمام عالي بالممارسة الحقيقية لديمقراطية.
وتعتقد الشفافية الدولية إن هناك علاقة واضحة بين العنف والفساد، حيث إن الدول التي سجّلت أدنى مرتبة في هذا المؤشر حصلت أيضًا على درجاتٍ منخفضة جدًا في مؤشر مُدرَكات الفساد. تفتقر الحكومات التي يُعوِّقها الفساد إلى القدرة على حماية الناس، في حين يُرجّح أن يتحول السخط العام إلى عنف.
تقول رئيسة الشفافية الدولية ديليا فيريرا روبيو "لقد جعل الفساد عالمنا مكان أكثر خطورة. كما فشلت الحكومات بشكل جماعي في صنع التقدم ضده، فهي تغذي تصاعد العنف الحالي والصراع وتعريض الناس للخطر في كل مكان. إن السبيل الوحيد للخروج هو أن تقوم الدول بالعمل الشاق والتأصيل للقضاء على الفساد على جميع المستويات لضمان عمل الحكومات لجميع الناس، وليس فقط نخبة قليلة".
أهم النقاط التي يقيسها المؤشر.
يغطي مؤشر مدركات الفساد النقاط التالية:
1. الرشوة.
2. اختلاس المال العام.
3. انتشار ظاهرة المسؤولين الذين يستغلون مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية دون الخوف من العواقب.
4. قدرة الحكومات على الحد من الفساد وفرض آليات فعالة لتكريس مبدأ النزاهة في القطاع العام.
5. عبئ الإجراءات الروتينية والبيروقراطية المبالغ فيها التي من شأنها زيادة فرص ظهور الفساد.
6. التعيينات القائمة على الكفاءة والتعيينات القائمة على المحاباة في الوظيفة العمومية.
7. ملاحقات قضائية وجنائية حقيقية للمسؤولين الفاسدين.
8. توفر قوانين كافية تتعلق بالتصريح بالممتلكات الخاصة والذمة المالية ومنع تضارب المصالح في صفوف كبار الموظفين العموميين.
9. مدى توفر الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد والصحفيين والمحققين لدى تبليغهم عن حالات الرشوة والفساد.
10. السيطرة على الدولة من قبل أصحاب المصالح الشخصية الضيقة.
11. السماح للمجتمع المدني بالعمل وقدرته على النفاذ الى المعلومة فيما يتعلق بالشأن العام ومستوى الافصاح والشفافية.
12. حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وعلى الأخص الصحافة الإستقصائية ومنها ما يتعلق بنشر ومتابعة حالات الفساد.
ويتولى الخبراء وبعض مصادر المؤشر التي تعُتمد لإعداده الآليات المتاحة لمنع انتشار الفساد مثل:
1. قدرة الحكومة على تعزيز آليات النزاهة.
2. الملاحقة القضائية الفعلية للمسؤولين الفاسدين.
3. الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وجود قوانين كافية تضبط التصريح بالمكاسب المالية ومنع تضارب المصالح والنفاذ إلى المعلومة.
بالنسبة الى البحرين.
تتبوأ البحرين المركز 69 وهو أفضل عن العام السابق 2021 ب 9 درجات، وكذلك تحسن نقاطها من 42 الى 44 وهذا التحسن ليس بسبب الإجراءات المباشرة في الحد من الفساد، بل لسببين رئيسيين هما الأول تحسن الإجراءات المتعلقة بالتنافسية الاقتصادية، حيث حصلت البحرين على درجة 81% في تقييم التنافسية الاقتصادية وهذا رفع من معدل القياس الذي تعتمده مراكز البحوث التي عملت على تحليل الوضع في البحرين بالمقابل حصلت البحرين على درجة 28% فيما يتعلق بوضع حقوق الانسان. والسبب الثاني كما تقول الشفافية الدولية ان هذه التغيرات البسيطة في الدرجات لايؤشر الى تطور جذري قد حصل ولكن ربما حدث نتيجة سوء المؤشر في الدول الأدنى وبذلك يرتفع الترتيب بهذا المقدار. لا نرى إن هناك عمل مباشر لمكافحة الفساد، كما يقال دائما، (هناك فساد ولكن لايوجد فاسدين) ولم تبدل البحرين جهود واضحة من أجل تنفيذ إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وعلى سبيل المثال لم يتم الإلتزام بإصدار قانون انشاء الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد ( وهذا القانون في أدراج البرلمان منذ 2010 ) أو قانون لحماية الشهود والمبلغين أو إصدار إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد كما لا يتم الاستفادة من تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية. تجاه كل ذلك ستبقى الدرجة والمركز لا تصل للطموح الذي نتمناه للبحرين.
الجدول التالي يبين تطور مركز البحرين على مؤشر مدركات الفساد خلال الفترة بين العامين 2013-2022.
أما المصادر التي اعتمدها معدي المؤشر لتقييم حالة البحرين والدرجات فهي كالتالي:
ولكي تتمكن البحرين من تحسين ترتيبها على المؤشر فإنه يتطلب اتخاذ خطوات فعلية سواء من البرلمان أو الحكومة والتعجيل بتنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها البحرين في العام 2010. وكذلك العمل بجدية لمعالجة حالة حقوق الأنسان التي أصدرت عنها في العام السابق 2022 مجلس حقوق الأنسان 245 توصية يتطلب من البحرين العمل على التوافق مع هذه التوصيات كما تحتاج البحرين لتحسين موقعها في التقرير المتعلق بالحالة الديمقراطية ( حصلت على 28 نقطة) والعمل على زيادة المشاركة الشعبية والسماح للجمعيات السياسية والعمل على رفع العزل السياسي الذي طال الكثير من المواطنين وهذا ما أظهرته الانتخابات الأخيرة في البحرين التي أجريت في العام 2022 من حرمان العديد من المواطنين من ممارستهم لحق المشاركة في الانتخابات ومن المتوقع أن ينعكس ذلك على موقع ودرجة البحرين على المؤشر لعام 2023 وأرى على الأخص ما يلي:-
1. إصدار قانون إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد.
2. إصدار قانون حق الحصول على المعلومات.
3. إصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين.
4. انشاء مفوضیة علیا مستقلة لادارة الانتخابات.
5. إصدار استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد يشارك في إعدادها المجتمع المدني وقطاع الأعمال.
6. تطوير حالة حقوق الأنسان وتوصيات مجلس حقوق الأنسان.
7. تخفيف الضغط والمضايقات التي تتبع مع مؤسسات المجتمع المدني ومنحها المزيد من حرية العمل والدعم المالي والمعنوي لكي تتمكن من تنفيذ برامجها ومشاريعها لتنمية المجتمع.
8. العمل على تطوير نشر ثقافة النزاهة وعلى الأخص النزاهة السياسية.
أما على مستوى الدول العربية.
لازال معدل مؤشر الدول العربية متراجع حيث بلغ معدلها 33/100 ويعتبر من الأقاليم التي تجب أن تعمل على تطوير أدوات مكافحة الفساد. وكما هي في السنوات السابقة ففي هذا العام استمرت دولة الإمارات العربية المتحدة تبوأ المركز الأول في الشرق الأوسط والمركز ( 27 ) على المستوى العالمي بالرغم من تراجعها درجتين حيث حصلت على 67/100 درجة على المؤشر فيما كانت 69/100 في العام 2021. وجاءت دولة قطر في المركز الثاني عربيا والمركز 31 عالميا بدرجة (58) فيما كانت درجتها 63/100 أي بتراجع بلغ 5 درجات والمملكة العربية السعودية تبوأت المركز الثالث عربيا و 54 عالميا، بدرجة بلغت 51/100 فيما كانت درجتها 53 أي بتراجع بلغ 2 درجة وأحتلت الأردن المركز الرابع حيث حصلت على 47/100. بينما سجّلت البلدان التي تعاني من النزاعات العسكرية أو المشاكل الأمنية أسوأ الدرجات حيث حصلت كل من ليبيا(17/100) واليمن(16/100) وسوريا(13/100) والصومال(12/100) وفي المراكز180،178،176،171على التوالي.
لقد توصلت الشفافية الدولية من خلال هذا المؤشر والدراسات التي أعدتها خلال السنوات الماضية الى إن هناك ارتباط عالي المستوى بين الفساد وإحترام الدول لحقوق الأنسان، بحيث تتربع الدول التي لا تحترم حقوق الأنسان بالمستوى الكافي ولا تهتم للمسألة الديمقراطية والنزاهة السياسية تقبع في المراكز المتأخرة على المؤشر، لذلك سلطت الشفافية الضوء على العلاقة بين مسألة حقوق الأنسان والديمقراطية وازدياد الفساد في الدول التي تتعرض فيها الحريات العامة وعلى الأخص حرية الرأي والتعبير لمزيد من الضغوط.
وتعتقد الشفافية الدولية إن الصرف وميزانيات الأمن والعسكرة في الدول العربية يفسح المجال لإنفاق الأموال دون مراقبة من الجمهور. وفي منطقةٍ بها هذا الكمّ من النزاعات، تُعدّ مثل هذه الميزانيات كبيرة ما يوفّر مكاسب ضخمة للجهات الفاسدة. وبذلك تُصنّف غالبية البلدان على أنها "عالية المخاطر جدًا" حتى البلدان التي لا تنخرط في صراعات عسكرية.
وتقول الشفافية الدولية في تقييمها لوضع الفساد في الدول العربية لهذا العام إن هناك "حاجة ماسة للإصلاح بشكل عام " و وقف دائرة العنف والفساد، ويجب على القادة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عكس اتجاه الاستبداد وفتح المجال للجميع للمشاركة في صنع القرار. يجب أن توجد مؤسساتٌ للدولة لمكافحة الفساد وتقديم الدعم لمن هم في أمسّ الحاجة إليه، بدلاً من استنزاف الموارد العامة لتوطيد سلطة النخبة القليلة.
بعد سنواتٍ من الركود، يجب أن يكون انخفاض مؤشر مُدرَكات الفساد هذا العام بمثابة دعوةٍ للاستيقاظ لإجراء إصلاحات عاجلة وحماية الحقوق والحريات الأساسية في جميع أنحاء المنطقة".
شرف محسن الموسوي
خارطة الدول العربية ومستوى الفساد فيها.
مراكز الأقاليم الخمسة حسب توزيع الشفافية الدولية.
أفضل واسوأ الدول على المؤشر.
Source: TI’s website