مؤتمر الأطراف كوب27: قضية خاسرة ومضرة - فايزه ياسين
مؤتمر الأطراف، أو ما يعرف باسم كوب (COP) هو المنتدى الأعلى لصنع القرار لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC). يجلب مؤتمر الأطراف الحكومات الموقعة سنويًا للمناقشة والاتفاق على طرق للمضي قدمًا في معالجة تغير المناخ وآثاره. وعادة، تتشارك الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك المجتمع المدني، الجهود لمعالجة القضايا المطروحة الأكثر إلحاحًا وضمان تحقيق الشفافية ومنظور أوسع وأشمل للمسار.
كثرت التوقعات بأن يكون كوب27، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ الساحلية المصرية بين السادس والثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، مؤتمرًا "تنفيذيًا"، وقد وضعت آمال كبيرة على مؤتمر الأطراف هذا العام نظرًا لحدوثه في أحد البلدان التي تأثرت بشكل كبير بتغير المناخ والتي تقع في قارة شديدة الضعف، خاصة فيما يتعلّق بتسليط الضوء على قابلية تأثر الجنوب العالمي بتغير المناخ والتأكيد على الطرق التي يعكس بها هذا الضعف أنماطًا أعمق من عدم المساواة والتهميش التي تؤثر عادة على أولئك الذين ساهموا بشكل أقل في تغير المناخ.
لكن للأسف، وبسبب السياق الجيوسياسي الصعب الحالي، من الحرب الروسية الأوكرانية إلى التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة،.يبدو أن العمل المناخي قد وُضع في المقعد الخلفي للأجندات الوطنية. وهكذا، انتهى مؤتمر كوب 27 بطريقة سيئة مع منع الدول المنتجة للنفط التطرق إلى مسألة الوقود الأحفوري. لكن الفشل في الاتفاق على خطة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وإلغاء التمويل الجديد لمشاريع الوقود الأحفوري في البلدان ذات الدخل المنخفض، سيسرّع الوصول إلى ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجات مئوية.
يتطلب العمل المناخي مشاركة جميع أصحاب المصلحة ومساهماتهم. وغني عن القول إن المجتمع المدني شريك حيوي في الجهد العالمي لمكافحة تغير المناخ. لكن مصر طبّقت مختلف القيود التي حدّت من مشاركة المجتمع المدني ومن مجال النقاش والمشاركة النشطة للجهات الفاعلة غير الحكومية.
وفي مواجهة لهذه القيود غير المسبوقة وسعيًا لمقاومتها، قامت شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، بالشراكة مع شبكة العالم الثالث والفضاء الجمعوي والتحالف المغربي للعدالة المناخية والمنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية الاقتصادية، بتنظيم سلسلة من النشاطات الموازية لضمان اتباع مقاربة بقيادة الناس، وخاصة بالنسبة لأولئك غير القادرين على المشاركة في كوب27 في شرم الشيخ.
وقد انضم إلى الخمس ندوات عبر الانترنت الموازية لجلسات المؤتمر العامة 15 خبيرًا وأكثر من 200 مشاركًا. استُهل نشاط الشبكة الجانبي بندوة عبر الإنترنت قبل بداية مؤتمر الأطراف لإعلام الجمهور بما تم تحقيقه حتى الآن وما هو متوقع من مؤتمر شرم الشيخ. وتناولت بقية الندوات القضايا الأكثر إلحاحًا التي أثيرت خلال كوب27، وهي التمويل، والخسائر والأضرار، والشباب والنوع الاجتماعي والأجيال اللاحقة، وأخيرًا، ندوة عبر الإنترنت كانت بمثابة تحليل للنتائج الرئيسية لمؤتمر الأطراف لهذا العام. وقد تمكنت هذه الندوات عبر الإنترنت بمساعدة الخبراء من تسهيل تبادل المعرفة وإثارة الناقش حول ما تعنيه هذه القرارات للمنطقة، وخاصة موضوع الخسائر والأضرار.
سهلت هذه الندوات من خلال مداخلات الخبراء تبادل المعرفة وتحفيز النقاش لفهم انعكاسات هذه القرارات على المنطقة. كل الأفكار والتوصيات التي طرحت خلال هذه الناقشات اتجهت نحو الموضوع الذي لا يمكن التغاضي عنه وهو التمويل. يجب أن ينصب التركيز في المنطقة على الانتقال الى النقاش حول المناخ والتنمية وذلك لضمان العدالة والمساواة في التمويل الأخضربحيث لا يقتصر على احتياجات البلدان المتقدمة فحسب، والتي تركز عادةً بشكل أكبر على صناديق التخفيف والتكيف والمرونة، ليشمل موضوعات أكثر صلة بالدول النامية "فالصناديق الخيرية" غير الإلزامية تفتقر بشدة إلى مسار تنفيذي جاد.
وعلى الرغم من الإحباطات العديدة التي عانت منها خلال كوب27 والتي دفعت الباحثين والنشطاء إلى وصف الحدث بأنه تحول إلى "مهرجان" لا أكثر، نجح مؤتمر شرم سيخ في فتح صندوق "الخسائر والأضرار" لمساعدة البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل على مكافحة آثار تغير المناخ. فقد ظلت البلدان النامية المعرضة بشكل خاص للتأثيرات الضارة لتغير المناخ تضغط من أجل موارد إضافية لمدة 30 عامًا، وقد سمع صوتها أخيرًا.
لكنه ليس من الواضح كيف ومتى، مما يترك مجالاً أكبر للعبة المسؤولية واللوم التي تغرق التعهدات في النسيان مثل الالتزامات التي لم يتم الوفاء بها والتي تبلغ 100 مليار دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2020 أو التعهدات التي لم يتم الوفاء بها لصندوق المناخ الأخضر وصندوق التكيف.