Nov 17, 2025
في مواجهة الصمت: من الهامش إلى منصة نيويورك – ناديا شمروخ
في مواجهة الصمت: من الهامش إلى منصة نيويورك – ناديا شمروخ

في مواجهة الصمت: من الهامش إلى منصة نيويورك – ناديا شمروخ


في زمن تتهاوى فيه منظومة العدالة الدولية أمام مشاهد الإبادة، وتُختبر فيه مصداقية القانون الدولي على أرض غزة والسودان، تتقدّم النساء في الجنوب العالمي بسردية مقاومة لا تُخضعها الهياكل الاستعمارية ولا تُقصيها السياسات الدولية المنهكة.


شهدت المجتمعات العربية خلال العامين الماضيين أزمة ثقة عميقة تجاه المنظومة الدولية، تجلت في عجز الآليات الأممية عن التصدي لانتهاكات جسيمة تُرتكب يوميًا، لا سيما من قبل إسرائيل في غزة وفلسطين ولبنان. ومع تصاعد الصراعات في السودان، برزت تساؤلات حادة حول مدى التزام أطراف النزاع بمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، في ظل ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي، دون أي احترام لقواعد الحماية الدولية، رغم الجهود المتواصلة من منظمات عربية وغربية لتفعيل آليات المحاسبة.


ورغم هذا العجز، تقدّمت السردية الفلسطينية والعربية بقوة، مدفوعة بحراك شعبي عالمي غير مسبوق، حمل مطالب واضحة تدعو لاحترام القانون الدولي وحماية المدنيين. وقد مثّلت دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية نقطة تحول، عوّل عليها المدافعون عن حقوق الإنسان لوقف المجازر، إلا أن غياب آليات التنفيذ، واستخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو مرارًا في مجلس الأمن، كشف عن ازدواجية المعايير وضربات موجعة لمصداقية النظام الدولي، خاصة حين يُقارن ذلك بسرعة فرض العقوبات على روسيا في حربها مع أوكرانيا.


وفي هذا السياق المأزوم، جاءت تحضيرات الأمم المتحدة لعقد الدورة السنوية للجنة وضع المرأة (CSW) في نيويورك، بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على مؤتمر بيجين، لتبدو منفصلة عن الواقع الذي تعيشه النساء في مناطق النزاع. وقد أعدّت الشبكة النسوية العربية "رؤى" تقريرًا تحليليًا بعنوان "أجندة نسوية عابرة للهياكل الاستعمارية"، يطرح قضايا النساء في الجنوب العالمي، ويكشف عن السياقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيق وصولهن إلى العدالة والمساواة. وقد توسعت دائرة المشاركة لتشمل منظمات نسوية أفريقية، رغم أن بعض المشارِكات حُرمن من تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، في مفارقة صارخة بين شعارات الشمولية وممارسات الإقصاء.


يتناول التقرير أربعة محاور أساسية، ولم يعد فقط جزءًا من بناء خطابنا النسوي العربي يعبر عن قضايا النساء العربيات والنساء في الجنوب، بل يعبر عن العديد من المنظمات التي تشترك معنا في الرؤية بصرف النظر عن جنسيتها أو مكان تواجدها؛ حيث احتوى التقرير على محددات يستطيع الموقعون عليه الذهاب في بناء استراتيجيات عمل مشتركة، تشكل صدى لأي تصدع يمكن أن يحدث:


  • تطرق التقرير إلى مؤتمر حالة المرأة CSW الذي يعقد سنويًا في نيويورك، وتحضره عشرات الآلاف من النساء، والمشاركة التجميلية الشكلية لمنظمات المرأة خارج إطار الأمم المتحدة، حيث تصاغ القرارات والإعلان.
  • قارن التقرير بين مقررات مؤتمرات الأمم المتحدة الأربعة، وتطرق إلى السياقات التي كانت تسود العالم في تلك المراحل حيث سمحت هيمنة قطبين على العالم بخلق توازن معقول. عند التوقف مليًا أمام تلك المقررات نجد أن ما تم إقراره في المكسيك كان وما زال من أولويات أسس مؤتمر المكسيك للعقد الدولي للمرأة التي أقرته الأمم المتحدة منذ العام 1975 حتى 1985.
  • المتصفح لمقررات المؤتمرات العالمية الثلاث الأولى (المكسيك وكوبنهاجن ونيروبي) يكتشف أن المؤتمرات الثلاث عكست حضورا ملحوظا لمساهمة النساء العربيات والنساء في الجنوب عموما، وتركت أثرا يدل على تلك المساهمات من خلال اتخاذ قرارات وقراءة مسؤولة إلى حد بعيد لواقع النساء واختلاف السياقات بين الدول خصوصًا بين الشمال والجنوب.
  • ناقش مؤتمر المكسيك العنصرية والاستعمار والتمييز، وسلسلة من القرارات المتعلقة بالسياسات الدولية والنضال ضد العنصرية والاستعمار، مما أتاح الفرصة لطرح القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني ضد الاستعمار. من أهم ما جاء في المؤتمر الربط بين الفقر والتنمية وعدم المساواة وربطها بالسياسات الاقتصادية وأيضًا الاستعمار.


جاء مؤتمر كوبنهاجن منسجماً مع المكسيك، حيث أكد مجددًا على ذات العناوين وربط قضايا التنمية والفقر بتحرير النساء، وكان أكثر عمقًا في تناول قضايا التنمية والفقر والتعليم وتحرير النساء والمساواة، كما ربط بشكل أعمق بين قضايا الطبقة الاجتماعية والعرق من جهة وبين الجندر من جهة أخرى. أشار المؤتمر إلى أثر الاستعمار والحروب على حياة النساء، وكذلك الهجرة وأثرها، كلها عوامل تعيق تحقيق الكرامة للنساء.



احدث المنشورات
Nov 17, 2025
التضامن النسوي: دعوة إلى النقاش - منار زعيتر
Nov 17, 2025
في رمزية تعيين أول رئيسة حكومة عربية في تونس - اعتدال مجبري