Jul 17, 2021
فخّ تعليق الآمال على حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي في لبنان
فرح الشامي
باحثة، مبادرة الإصلاح العربي

الرجاء الضغط هنا لنبذة والمنشورات
فرح الشامي

فخّ تعليق الآمال على حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي في لبنان


فرح الشامي

زميلة باحثة في مبادرة الإصلاح العربي



ملخص - الرجاء الضغط هنا لقراءة التقرير كاملًا



علّقت منظمات المجتمع المدني وصانعو السياسات الآمال على حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي (IMF) بهدف إعادة إنعاش اقتصاداتهم في ظلّ جائحة فيروس كورونا المستجدّ. بإمكان حقوق السحب الخاصة، من الناحية النظرية، أن تكون واعدة في بعض الظروف، لكنها من الناحية العملية وفي لبنان، تترتّب على المزيد من العثرات والسلبيات أكثر من الوعود.



إن حقوق السحب الخاصة بمثابة شبكة مبادلة للعملات بين المصارف المركزيّة. إنها نوع من العملات الاحتياطية النقدية الدولية التي ينشأها ويصونها صندوق النقد الدولي كمكمّل للاحتياطيات النقدية القياسية الحالية للبلدان الأعضاء. يتم احتساب قيمة حقوق السحب الخاصة كسلّة مرجّحة من خمسة عملات رئيسة (الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني الذي انضمّ إلى مجموعة العملات هذه في العام 2016) في وقت معيّن ويختلف وفقًا لذلك1.  تبلغ قيمة وحدة السحب الخاصة الواحدة حاليًا حوالى 1.42 دولارًا أمريكيًا2.  بإمكان الأعضاء المشاركين في إدارة حقوق السحب الخاصة (أي جميع أعضاء صندوق النقد الدولي الحاليين) شراء وبيع حقوق السحب الخاصة في السوق التطوعي. يصدر صندوق النقد الدولي هذا الأصل الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال الأزمات، ويتم توزيع المخصصات على البلدان الأعضاء بما يتناسب مع حصتها في الصندوق (وهذا رقم يعتمد على حجم البلد ومساهماته في صندوق النقد الدولي)3.  ويهدف الإصدار المرتقب في آب/أغسطس 2021 إلى توفير أداة مهمّة لمساعدة البلدان ذات الدخل المنخفض في تغطية تكاليف الاستجابة لجائحة فيروس كورونا المستجدّ والتعامل مع التداعيات الاقتصادية نتيجة للأزمة الصحية. يمكن للبلدان المستفيدة صرف حصتها من حقوق السحب الخاصة بالعملات الأجنبية (أي عملة من بين العملات الخمسة المدرجة في السلة) لتسديد الديون والاحتياجات المالية، وهذا ما يبرّر سبب تأييدها من قبل خبراء التنمية الدوليين والناشطين. 4



ومن المتوقع أن يكون هذا المصدر الجديد للسيولة الدولية جذابًا لبلدٍ مثل لبنان الذي يواجه أزمة متعددة الأوجه، حيث شهد بداية الانهيار المالي عند اندلاع الانتفاضة في أكتوبر 2019. وقد تبع هذا الانهيار ركود اقتصادي تفاقم بسبب الجائحة اعتبارًا من مارس 2020 بالإضافة إلى انفجار بيروت في أغسطس 2020. وعلى الرغم من أن الخبراء والناشطين اللبنانيين لم يكونوا مدركين لموضوع حقوق السحب الخاصة، إلا أن مجموعة كبيرة منهم تنتظر إصدار هذه الأداة النقدية التي بحسب ظنّهم، تعد بإنقاذ البلاد من كسادها الاقتصادي الذي يتّسم بإعسار الديون على الصعيدين الوطني والدولي بالإضافة إلى عجز مزدوج (مع معدّل صادرات يتجاوز الواردات ونفقات حكومية تتجاوز الإيرادات) وركود تضخمي أو بعبارة أخرى، تضخم مفرط مقترن بركود اقتصادي حيث النمو الاقتصادي سلبي ومعدل البطالة مرتفع للغاية5.  ونظراً لطبيعة الاقتصاد اللبناني الريعي الذي يعاني الآن من انهيار القطاع السائد، القطاع المصرفي، والذي لا يعد بأي إصلاحات هيكلية على المدى القصير أو المتوسط؛ ونظرًا إلى وضع الاقتصاد السياسي المتزعزع مع انخفاض سعر الصرف اللبناني الذي وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 13000 ليرة لبنانية / دولار أمريكي في مايو  2021، 6 واعتماد الحكومة بالوكالة سياسة "اللا سياسة" بوجه التداعيات الاجتماعية والاقتصادية؛ ونظرًا إلى الفساد في القطاع العام والذي أصبح أكثر وضوحًا من أي وقت مضى وحقيقة أنه لا يوجد بصيص أمل في تشكيل حكومة جديدة من أجل إعادة إطلاق نشاط الاقتصاد الكلي، فإن استلام ما يسمّى بالعملة الصعبة "الميسرة وغير المشروطة" - في شكل حقوق السحب الخاصة - لا يسعه إلا أن يبدو مغريًا للطبقة الحاكمة اللبنانية ولعدد من الاقتصاديين اللبنانيين. 7



ومع ذلك، يتوقع الكاتب تأثيرًا سلبياُ لمثل هذه الطريقة المخصصة فقط لغرض تمويل المساعدات في ظل الظروف الحالية في لبنان. فلبنان لم يتفاوض على خطة عمل أو إنقاذ مع صندوق النقد الدولي بعد وقد تخلّف عن سداد ديونه بدون خطة وبدون مفاوضات مع الدائنين. تقدّم حقوق السحب الخاصة مبلغًا كبيرًا من المال لن يوظفه لبنان بحكمة، حيث كانت الحكومة تتعمّد التباطؤ على الأخذ بالإصلاحات الضرورية التي طال انتظارها. ويستند هذا الافتراض أيضًا إلى "ضيق الأفق" الذي يعاني منه صنع السياسات في لبنان على الرغم من الأوقات العصيبة. سيواصل صانعو السياسات القيام بأعمالهم كالمعتاد واستنزاف موارد البلاد واحتياطياتها حتى يصلوا إلى طريق مسدود، بدلًا من التفكير في تطبيق الإصلاحات الهيكلية. لذلك، فإن حقوق السحب الخاصة ستستخدم خارج الغرض الذي خُصصت من أجله وستزيد من مستوى الخطر المعنوي ومن نطاق التدابير التعسفية على مستوى صنع القرار.



لن توفر حقوق السحب الخاصة الموارد الكافية للمساعدة في إنعاش الاقتصاد اللبناني من انحطاطه المستمر أو الاستجابة للوباء حسب الحاجة، بل من المرجح أن تكون عرضة للفساد بغض النظر عن الشكّل الذي ستتحوّل إليه. فإما أن يتم الاستيلاء عليها أو الاستفادة منها لأغراض زبائنية. بالإضافة إلى ذلك، ثمّة قائمة كبيرة من السيناريوهات المعقولة التي يمكن أن تحدث، في حالة تخصيص حقوق السحب الخاصة للبنان، بدءًا من إعادة إنتاج مخطط إحتيالي والاستفادة من أسواق سعر الصرف الموازية لمصادرة العملة الصعبة "fresh"، وصولاً إلى تمويل مخطط الدعم غير الناجح وغير الهادف. 



إن تخصيص حقوق السحب الخاصة في لبنان ليس سوى حل قصير الأجل (على الأرجح) للمشاكل طويلة الأجل وأداة متقلبة لاقتصادٍ متقلب. وخلافًا للطريقة التي يتم بها الترويج لهذه الأداة، فإن حقوق السحب الخاصة ليست خالية من الديون وليست غير مشروطة تمامًا، بل سيكون لها تأثير تضخمي وإمكانية للزيادة من انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، في حين أصبح لبنان سريع التأثر حتى بصدمات طفيفة. لذلك، سيصعب تخيّل أي استخدام ناجح لهذه المرافق في البلاد، وهذا يؤكّد على الطبيعة المجردة لأداة "شفّافة للغاية" (بالمعنى السلبي)، ما يجعل من الصعب تنفيذها على المستوى الوطني.



بما أن التكهن غامض جدًّا، فإن إدراج أي حقوق سحب خاصة جديدة ينبغي أن يقترن بتدابير جادّة من الداخل ومن صندوق النقد الدولي لضمان توظيفها في ظل تعزيز الشفافية والمساءلة وفي الطريق الصحيح. من الضروري أيضّا عدم الاعتماد على حقوق السحب الخاصة في إنقاذ لبنان من الأزمات التي تغرقه، بما في ذلك أزمة COVID-19، لكن التركيز بدلًا من ذلك على وضع خطة هيكلية واضحة للاقتصاد الكلي تساعد السلطات اللبنانية في اتخاذ قرارات استراتيجية لحلول طويلة الأجل ومستدامة، والتي من شأنها بناء الأساس اللازم لمخصصات حقوق السحب الخاصة المستقبلية والتدخلات الأجنبية المماثلة لتكون ناجحة.



فرح الشامي

زميلة باحثة في مبادرة الإصلاح العربي



ملخص - الرجاء الضغط هنا لقراءة التقرير كاملًا



المصادر

1- https://www.imf.org/en/About/FAQ/special-drawing-right#Q6.%20Can%20existing%20SDRs%20be%20%E2%80%98recycled%E2%80%99%20or%20channeled%20toward%20other%20purposes?

2- https://www.aljazeera.com/economy/2021/4/6/what-is-an-sdr

3- https://www.imf.org/en/About/Factsheets/Sheets/2016/08/01/14/51/Special-Drawing-Right-SDR

4- https://www.degruyter.com/document/doi/10.1515/ev-2020-0012/html

5- https://www.mei.edu/publications/lebanons-economic-crisis-tragedy-making

6- https://www.the961.com/lira-rate/

7- https://www.worldbank.org/en/country/lebanon/publication/economic-update-april-2021


احدث المنشورات
Dec 07, 2024
النشرة الشهرية لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024
Dec 03, 2024
الديون السيادية في المنطقة العربية: بين استدامتها وعدالة السياسات الضريبية - أحمد محمد عوض