المساواة بين الجنسين في اليمن - د. هدى علي علوي
يواجه اليمن تحديات متعددة منها الصراع والنزوح وعدم الاستقرار الاقتصادي، وهذه البيئة السلبية أثّرت بشكل مباشر على النساء والفتيات، مما حد من قدرتهن على الوصول إلى الخدمات وسبل العيش والحصول على الفرص المتساوية مع الرجل.
ولا تزال اليمن تواجه واحدة من أكبر الازمات الإنسانية في العالم، فهناك نحو 21.6 مليون بحاجة الى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية في العام 2023، ويعاني 80% من السكان من أجل الوصول الى الغذاء، ومياه الشرب الآمنة والخدمات الصحية الكافية. وتأتي هذه التداعيات كنتيجة لعدد من الأزمات الطارئة المتداخلة التي تضرب البلاد من الصراع العنيف والانهيار الاقتصادي إلى الكوارث الطبيعية المتكررة والتدهور الحاد في المستوى المعيشي وانتشار العنف ضد المرأة.
الجدير بالإشارة أن النساء والفتيات من أشد الفئات تضرراً من مترتبات الحرب، فحوالي 80% من 4.5 مليون نازح في اليمن هم من النساء والأطفال. فتمثل الأسر التي تعيلها نساء حالياً 26% من إجمالي العائلات النازحة. ويستمر تجذر العوامل السياسية والسلوكيات الاجتماعية التمييزية ضد النساء، مما يضاعف مؤشرات عدم المساواة ويعيق وصول النساء الى الخدمات الأساسية.
وعلى الرغم من أن للمرأة اليمنية دورها المؤثر في الحياة العامة ومكانتها البارزة عبر التاريخ، إلا أن ذلك لم يترجم إلى تمثيل يلائم فعليا طاقاتها الحقيقية، إذ عكست الممارسة السياسية واقعا هشا لمشاركة المرأة وعوامل مثبطة لتمكينها من الوصول إلى مفاصل السلطة وصناعة القرار، في ظل اعتراف التشريعات الوطنية بالحقوق العامة للنساء على السواء مع الرجال إلا أن ذلك ظل محكوماً بإشكاليات الواقع وتعقيدات المشهد ما بعد الحرب، والذي ألقى بظلاله الكثيفة على زيادة معاناة المرأة واقصائها بعد أن خسرت بعض المكاسب التي نالتها الحركة النسوية في السنوات الأخيرة عشية انفجار الصراع.
الجدير ذكره أن واقع النساء المتردي في اليمن أصبح حاضرا بقوة في التقارير الدولية، ويرصد نتائج صادمة لا تحفظ لهن الحد الأدنى من الحقوق، فهي في مؤشر الفجوة بين الجنسين بالمرتبة (155) عام 2021، مقارنة (115) عام 2015، والتي تستمر حتى يومنا هذا في إشارة إلى تفاوت كبير في إعمال الحقوق المتساوية بين الرجال والنساء.
لقد تم فرض متطلب المحرم للنساء بما فيهن العاملات في المجال الحقوقي الإنساني بشكل كبير، ويلزم هذا التوجه بعدم إمكانية سفر المرأة دون مرافق "ذكر" من أفراد عائلتها ويكون مجاز شرعاً، كذلك أصبح الوصول للخدمات الأساسية وحرية الحركة والتنقل للعمل تحدياً أكبر بالنسبة للنساء والفتيات اللاتي يفتقرن للمحرم ولوثائق إثبات الهوية القانونية وذلك بسبب غياب إجراءات الحماية والقوانين التمييزية.