Jul 03, 2023
إيقاف الحرب في اليمن ضرورة لإعمال الحقّ في الصحة

هذا البحث هو جزء من تقرير الراصد العربي ٢٠٢٣ عن الحق في الصحة.


إيقاف الحرب في اليمن ضرورة لإعمال الحقّ في الصحة: أثر الحرب والنزاعات السياسية على مؤشرات ومحددات الصحة - داليا حزام وعبير شائف
يمكنم تحميل التقرير كاملًا عبر الضغط هنا.


مقدمة

إن الحقّ في الصحّة والذي يشمله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو الركيزة التي يمكن أن نصل بها ومعها إلى أنظمة صحّية عادلة ومُنصفة. يُعرّف البعض الصحّة على أنها مستشفيات حديثة ومراكز طبية مجهّزة، وهذا صحّيح جزئياً. إلّا أن مفهوم الصحّة يتعدّى ذلك بكثير. فتعريف منظّمة الصحّة العالمية ينصّ على أن الصحّة هي حالة من الرفاهية الجسدية والعقلية والاجتماعية الكاملة وليس مجرد غياب المرض أو العجز. أي أن يتمتّع الإنسان بأعلى مستوى من الصحّة يمكن بلوغه ويُفضي إلى العيش بكرامة (WHO 1948). يتلخّص الحقّ في الصحّة في الرعاية الصحّية - التي تستند على توافر ومقبولية وجودة الخدمات الصحّية وإمكانية الوصول اليها - وإلى المحدّدات المتعلّقة بها كالمياه الصالحة للشرب، والتغذية الكافية، وسبل عيش صحّية وملائمة، وإمكانية الحصول على التوعيّة والمعلومات الصحّية (الأمم المتحدة 1948). لقد أكدّت لجنة الأمّم المتّحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم )14( على أهم مبادئ الحقّ في الصحّة وهي: عدم التمييز، والمشاركة، والمساءلة. وكما جاء في دستور منظّمة الصحّة العالمية، فإن مسؤولية الحقّ في الصحّة تقع على عاتق الحكومات، ومنظّمات المجتمع المدني، والهيئات، والأفراد مجتمعة (WHO 1948).


يواجه النظام الصحّي في اليمن العديد من التحدّيات في تقديم الخدمات الصحّية وتمكين وصول المجتمع إلى هذه الخدمات ولو بالحدّ الأدنى من الجودة. كما كان للحرب والحصار تأثيرٌ مدمّر على العديد من مؤشرات الصحّة في اليمن ومنها صحة الأم والطفل. على سبيل المثال انخفاض تغطية اللقاح للأطفال، وزيادة حالات الإسهال وفقر الدم والوفيّات بين الأطفال دون سن الخامسة من العمر، وارتفاع معدل وفيّات الأمّهات. لقد تضاءل تقديم خدمات الرعاية الصحّية الأوّلية الروتينية من قِبل النظام الصحّي -الهشّ بالفعل- بسبب الحاجة الملحّة للاستجابة لتهديد إنعدام الأمن الغذائي ووباء الكوليرا الأخير (El Bcheraoui، Jumaan, et al. 2018). كما طرأ تعليق للعديد من الخدمات الروتينية في ظل جائحة كوفيد-19 بسبب سوء الإدارة جسّده تراجع الاستجابة العاجلة للحالات المصابة (2020 Zawiah، Al-Ashwal et al.).


تصاعد الصراع في اليمن في عام 2010، تلاه احتجاجاتٌ كبيرة، واقتتالٌ داخلي، وحربٌ بدأت في سبتمبر/أيلول 2014 واستمرت حتى الآن. قبل تصعيد الحرب بين التحالف بقيادة السعودية والحوثيين، كانت اليمن بالفعل أفقر دولة في الشرق الأوسط وواحدة من أفقر دول العالم. أثّرت الأزمة الإنسانية سلباً على كل قطاعٍ حيوي في اليمن، بما في ذلك الصحّة (El Bcheraoui, Jumaan, et al. 2018). ومنذ استيلاء قوى الحوثي عسكرياً على العاصمة في سبتمبر/أيلول 2014 وتوسّع الصراع ونشوب الحرب وبدء العمليات العسكرية للتحالف العربي، دخلت اليمن تحت الفصل/البند السابع من ميثاق الأمّم المتّحدة. وأصبحت تُصنّف في حالة حرب/صراع/نزاع وتُنسّق شؤونها الإنسانية (ومنها الصحّة) حسب تقييم الوضع الإنساني السنوي (UN OCHA-HNO 2022)، وخطة الاستجابة الإنسانية السنوية وما يهبه المانحون على أساسهما (UN (UN OCHA-HRP 2022). ويتمّ التنسيق لتنفيذ هذه الخطط عبر الكُتل المختلفة (الصحّة، التغذية، المياه والإصحاح البيئي، الأمن الغذائي والزراعة، الحماية، التعليم...). ورغم أن معظم هذه الخطط والأنشطة تكفل الصحّة لجميع الفئات وخاصةً ذوي الخصوصيات المتعلقة بالصراع، إلا أنها تُركّز بشكلٍ عام على الإغاثة والدعم العاجل وحالة الطوارئ (UN OCHA 2022). وأشار خبير في الصحّة العامة إلى أن:
"سياسة القيادة والحوكمة لهذه الكُتل ضعيف من قِبل وزارة الصحّة ومكاتبها في المحافظات وتكون القيادة للمنظّمات الدولية. على الرغم من أن هذه المنظّمات لا يُناط بها قيادة الكُتل... مهّدت الكُتل إلى العمل بنهجٍ متعدّد القطاعات ولكن ليس بالشكل الرسمي إذ لا يوجد قانون يضمن العمل بهذا النهج. العمل بنهجٍ متعدّد القطاعات حالياً في اليمن يقع ضمن العمل في حالة الطوارئ" (المشارك 2: خبير في الصحّة العامة و أكاديمي، 2022).


يعاني اليمن من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث تُشير البيانات إلى أن ما يقرب من 80% من السكّان بحاجة إلى شكلٍ من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية الاجتماعية (ICRC 2022). وبما أن اليمن لم يصل رسمياً بعد إلى مرحلة إعادة الإعمار الفعلي والتنمية المُستدامة، لذا فإن التوسّع في مفهوم الصحّة كحقّ لم يُستهدف بعد، خاصةً في شؤون التنمية والحماية الاجتماعية والبنية التحتية الداعمة والحوكمة والمشاركة المجتمعية الفعلية. حيث لا زال العمل بمخرجات الحوار الوطني الشامل والدستور اليمني الجديد رهن بإيقاف الحرب وتحقيق السلام والمرحلة الانتقالية للحكم. وأكدت خبيرة في الصحّة الإنجابية أن:
" المواطن اليمني لا يتمتّع بهذا الحقّ (حقّ الصحّة للجميع)، بل أنه لا يتمّتع بهذا الحق حتى في مستواه الأدنى منذ الفترة ما قبل 2015. هناك سياسات واستراتيجيات وطنية تمّ صياغتها لكنها غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع ولم يُنفّذ بما جاء فيها. ولا زلنا نعتقد بأن الصحّة هي خلوّ الإنسان من المرض ولم نصل في برامجنا ومشاريعنا إلى تعريف الصحّة كحقّ كما أننا لم نصل إلى مرحلة التفكير بالرفاه" (المشارك 2: خبير في الصحّة الإنجابية، منظّمة غير حكومية، 2022)


داليا حزام وعبير شائف


تحميل التقرير الكامل
هذا البحث هو جزء من تقرير الراصد العربي ٢٠٢٣ عن الحق في الصحة.







احدث المنشورات
Dec 07, 2024
النشرة الشهرية لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024
Dec 03, 2024
الديون السيادية في المنطقة العربية: بين استدامتها وعدالة السياسات الضريبية - أحمد محمد عوض
منشورات ذات صلة
Jan 04, 2023
لمحة عامة عن النظام الصحي في السودان - راوية كمال الدين
Jan 04, 2023
النشرة الشهرية لشهر كانون الاول / ديسمبر 2022