على مدى عقدين من الزمان استطاعت الشبكة أن تعزز وجودها على الساحة الإقليمية والدولية، وتحتل موقعا رياديا في مجال الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ووفق معظم التقديرات فإن الشبكة تشكل قيمة مضافة عى أكثر من مستوى
من ناحية أولى تميزت الشبكة بالتصدي لقضايا هامة وغير تقليدية فى مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والعدالة الاجتماعية بشكل عام، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والعلاقة بن الشمال والجنوب؛ ومن ناحية ثانية استطاعت الشبكة تطوير شبكة من العلاقات الدولية من خلال التنسيق والعمل المشترك وأنشطة المناصرة، وهكذا فقد تمكنت من مد جسور تواصل فيما بين منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية وأطراف دولية.
ومن ناحية ثالثة، تشكل منتجات الشبكة عى المستوى المعرفي قيمة مضافة للمعنين بالعدالة الاجتماعية وقضايا التنمية حيث تواكب، من خلال الرصد والحوارات والعمل البحثي، تأثيرات السياسات المتبعة عى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطني البلدان العربية.
بلورت الشبكة اتجاهات التدخل في ثلاثة قضايا كبرى رئيسية يتضمن كل منها موضوعات محددة ترتكز في مجملها عى ضرورات إصلاح المسارات التنموية في مجال السياسات التنموية، وعقلنة وتفعيل أدوار الفاعلين التنمويين.
هذه القضايا والموضوعات هي:
أ) سياسات الاقتصاد الكلي
ب) سياسات التوزيع
ج) أدوار الفاعلين التنمويين
أ) سياسات الاقتصاد الكلي
في هذا الصدد، أولت الشبكة اهتماما بسياسات التجارة والاستثمار ثنائية ومتعددة الأطراف. وجاء اهتمام الشبكة بهذا الموضوع متسقا مع رؤيتها للأثار السلبية للتوجهات الليبرالية التي تخضع لها هذه السياسات. فقد أثبتت هذه التوجهات عى مدار عقود من الزمن تعارضها الواضح مع حق الشعوب في التنمية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأفراد، فقد ارتبطت هذه التوجهات بسياسات للافقار والتهميش بدلا من أن تسهم في تعزيز السياسات التنموية، حيث أنها تصب في صالح الشركات الكرى، ورأس المال المالي، والنخب المستفيدة بحكم تملكها مواقع صنع القرار. وبالمثل فإن موضوع السياسات المالية حظيت كذلك باهتمام الشبكة خلال المرحلة الماضية وتشمل المساعدات والديون، وقد انخرطت الشبكة في الجهود الدولية والمحلية الهادفة إلى تحقيق فعالية المساعدات من أجل التنمية، ومواجهة الآثار السلبية للديون عى مقدرات الشعوب وحقها في التنمية.
ب) سياسات التوزيع
وعلى المستويات المحلية ركزت الشبكة على موضوعات حاكمة لسياسات التوزيع في علاقتها بالتنمية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وهى: النظم الضريبية، وسياسات الحماية الاجتماعية، والاقتصاد غير المنظم. ففيما يخص النظم الضريبية تنطلق الشبكة من ضرورة تصحيح الاختلالات التي تعانيها هذه النظم جراء اتباع سياسات ضريبية لا تخدم المصالح التنموية وتفرض الأعباء على جمهور المواطنين لصالح النخب وأصحاب رؤوس الأموال، وبالتالي فهي تؤثر سلبا على فرص التنمية وتحرم المواطنين من الحقوق والخدمات التي من المفترض تكون النظم الضريبية أداة الدول من أجل الوفاء بها. ومن ثم فقد وضعت الشبكة هدف تحقيق العدالة الضريبية ضمن أولوياتها. ويرتبط بذلك اهتمام الشبكة بسياسات الحماية الاجتماعية، وتحدد الشبكة الخلل في هذا الصدد في إخفاق معظم الدول في الالتزام بمتطلبات الحماية الاجتماعية سواء من حيث الموارد المخصصة لذلك، أو فعالية المؤسسات المعنية وإلزام القطاع الخاص بالوفاء بحقوق العمال والعاملات في مجال الحماية الاجتماعية، فضلا عن غياب آليات واضحة لمشاركة أصحاب الحقوق، وضعف القدرة على المساءلة والشفافية. وفى السياقات المحلية كذلك، أولت الشبكة اهتماما بالاقتصاد غير المنظم والذي بات يشكل قطاعا آخذ في الاتساع بدون حقوق وضمانات قانونية ومؤسسية للعاملين والعاملات فيه. ويتناسب اتساع نطاق هذه الاقتصاد غير المنظم والهامشي في أغلب صوره طرديا مع الخلل في السياسات التنموية وسياسات التوزيع والإفقار المتزايد لشرائح اجتماعية متعددة.
ج) أدوار الفاعلين التنمويين
إلى جانب العلاقات والسياسات ركّزت الشبكة على أدوار الفاعلين التنمويين ممثلة في الأطراف الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص في مجال اتخاذ القرارات وصنع السياسات ذات الصلة بالتنمية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وفى هذا الصدد جاء اهتمام الشبكة بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد والمشاركة. ففي غياب هذه المعايير الحاكمة، يشهد الواقع العربي اختلالات عميقة في المسارات التنموية بسبب احتكار عمليات اتخاذ القرار، واقصاء الفاعلين التنمويين من المجتمع المدني بمعناه الواسع عن مواقع صنع القرار وخاصة المنظمات غير الحكومية والنقابات وممثلي الحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية. وعليه فقد وضعت الشبكة على رأس أولوياتها تمكن الفاعلين التنمويين والإسهام في خلق بيئة ممكنة للمشاركة والحوار والتأثر في القرارات والسياسات التنموية.