Oct 07, 2024
منطقة مشتعلة - عدد خاص - العدد ١١

منطقة مشتعلة - عدد خاص
العدد ١١ - ٧ تشرين أول/اكتوبر ٢٠٢٤

عام على الإبادة الجماعية

في ذكرى 7 أكتوبر، تُسلَّط الأضواء على الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عام 1967، حيث يعيد التاريخ التأكيد على محطات مهمة من الصراع الطويل والعدوان المستمر. يمثل هذا اليوم فرصة للتذكير بتأثير الاحتلال الإسرائيلي على حياة الفلسطينيين، وخاصةً في سياق القمع والعنف المستمر والمصادرة المستمرة للأراضي والاستيطان.

7 أكتوبر كذكرى وإطار للتذكير بالصراع
يرتبط 7 أكتوبر بمختلف الأحداث التي تشكل تذكيراً بالصراع المستمر بين الفلسطينيين والإسرائيليين. يمكن النظر إلى هذه الذكرى كفرصة لتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، وكيف تستمر الديناميكيات الاستعمارية والسياسات الإسرائيلية في التأثير على واقعهم اليومي. يعكس هذا التاريخ حاجة ملِّحة لإيجاد حل عادل ومستدام يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويضع حداً للاحتلال والانتهاكات.

سنحاول في هذا التقرير الخاص عن فلسطين وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لـ 7 أكتوبر تسليط الضوء على الحرب التي استهدفت قطاع غزة بشكل أساسي كونها تشكل نموذجا واضحا لجرائم الحرب والابادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل مسندةً بالوثائق والادلة التي استندت اليها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لتصدر قراراتها. ذلك من دون التقليل من أهمية ما ترافق معها من اعتداءات على سكان الضفة الغربية في نابلس وجنين وطولكرم ورام الله وغيرها من المدن والمناطق الفلسطينية التي لم تسلم من آلة الحرب الإسرائيلية.

فمنذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، شهدت الضفة الغربية تصعيدًا كبيرًا في الهجمات الإسرائيلية. فعمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة تضمنت اقتحام المدن والقرى والمخيمات، مما أدى إلى سقوط أكثر من 660 شهيدًا فلسطينيًا واعتقال ما يقارب 10,000 شخص. هذه الاعتقالات شملت نشطاء وأسرى سابقين، وسط استمرار مواجهات شبه يومية مع القوات الإسرائيلية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. ولنا عودة في اخر هذه النشرة الى الوضع في الضفة الغربية خلال هذا العام.

قرار وقف الحرب
خلافا لما تدّعيه، فإن سحب إسرائيل لقواتها البريّة من غزّة عام 2005 لم يُنه احتلالها لها. ذلك لأنها حافظت على سيطرة فعليّة على القطاع، بما في ذلك مياهه الإقليميّة ومجاله الجوّي، وحركة الناس والبضائع، باستثناء حدوده مع مصر، ممّا جعله أكبر سجن مفتوح في العالم.

منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، عقد مجلس الأمن الدولي نحو 40 جلسة رسمية، ركزت الأغلبية منها على الوضع في فلسطين، خاصة في غزة. هذه الاجتماعات تضمنت مناقشات حول الأوضاع الإنسانية، الدعوات إلى وقف إطلاق النار، ومشاريع قرارات تتعلق بالمساعدات الإنسانية. تمَّ تبني أربعة قرارات خلال هذه الفترة، ولكن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) عدة مرات ضد مقترحات تهدف إلى التوصل إلى هدنة.  

جريمة إبادة جماعية
منذ اللحظة الأولى بدأت تحذيرات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية عبر العالم من أهمية التدخل لمنع الإبادة الجماعية والكارثة الإنسانية في غزة، مشددين على توصيف ما تقوم به إسرائيل بكونه انتهاك للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك القانون الجنائي الدولي.

تقدّمت حكومة جمهورية جنوب أفريقيا، في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023، بدعوى قضائية لدى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، تتهمها فيها بانتهاك التزاماتها بموجب أحكام "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها". وفصّلت المذكرة القانونية النية الجُرمية بارتكاب سلطات الاحتلال الإسرائيلي أفعال الإبادة الجماعية عبر الاستشهاد بتصريحات قيادة الاحتلال على ذلك، واختتمت الدعوى بمجموعة من الطلبات تقود في مجملها إلى الحصول على حكم قضائي القصد منه إدانة إسرائيل بمخالفة التزاماتها بموجب الاتفاقية.

عقدت المحكمة جلستي استماع علنيتين، وفي 24 مايو/أيار 2024 طالبت اسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة وانسحاب قواتها، دون أن تأمرها بوقف كامل لإطلاق النار. لم تلتزم إسرائيل، بقرار المحكمة؛ إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "إن محكمة العدل الدولية لن تردع إسرائيل عن مواصلة حربها في قطاع غزة حتى تحقيق النصر الكامل".

أكد قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 19 تموز/ يوليو 2024 على أنّ احتلال إسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، غير مشروع، تماماً كما نظام الاستيطان المرتبط به، وضم الأراضي واستغلال الموارد الطبيعية. وأضافت المحكمة أن التشريعات والتدابير الإسرائيلية تنتهك الحظر الدولي للعزل والفصل العنصريَيْن. وقد ألزمت محكمة العدل الدولية إسرائيل بإنهاء احتلالها وتفكيك مستوطناتها وتقديم تعويضات كاملة إلى الضحايا الفلسطينيين وتسهيل عودة النازحين. ودحضت المحكمة الفكرة القائلة إن تقرير المصير الفلسطيني لا يمكن أن يتحقّق إلاّ من خلال المفاوضات الثنائية مع إسرائيل حصراً، وهو شرط عرّض الفلسطينيين للعنف ونزع الملكية وانتهاك الحقوق على مدى 30 عاماً.

وفق خبراء الأمم المتحدة، يؤكّد الرأي الاستشاري مرّة جديدة القواعد الآمرة التي تحظّر ضم الأراضي وبناء المستوطنات والعزل والفصل العنصريَّيْن، وينبغي اعتباره تفسيري بطبيعته ومُلزم لإسرائيل وجميع الدول الداعمة للاحتلال.

خلص تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، إلى توفر “أسس معقولة للاعتقاد باستيفاء الحد الأدنى المطلوب الذي يشير إلى ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية”، وأتى بعد شهرين من إصدار محكمة العدل الدولية قرارها الذي حذّر من وجود خطر معقول بوقوع إبادة جماعية.

ووجدت منظمة العفو الدولية أدلة دامغة على أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وانتهكت القانون الدولي الإنساني في حربها على قطاع غزة، وقالت المنظمة إن إسرائيل لم تتخذ الاحتياطات الممكنة لتجنب قتل المدنيين في غزة، ولم تميّز بين الأهداف العسكرية والمدنيّة، ونفذت هجمات موجهة إلى أهداف مدنية، مما أدى إلى خسائر كبيرة بين المدنيين ومقتل عائلات بأكملها.

كما اعتبرت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقيّة أخرى أيضا أن السلطات الإسرائيلية ترتكب جريمتي الفصل العنصري والاضطهاد، وهما جريمتان ضدّ الإنسانيّة، في حق ملايين الفلسطينيين. وان القمع المنهجي لسكّان غزّة يُشكّل جزءًا من هذه الجرائم المستمرّة.

إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية
قبل سنوات، أحرزت الجهود الفلسطينية الرامية إلى وضع جرائم إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية بعض التقدم، بعد قرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الصادر في 5 شباط/ فبراير 2021، أن للمحكمة اختصاصًا قضائيًا على دولة فلسطين التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، باعتبارها دولة طرفًا في ميثاق روما.

حالياً، يُشرف المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على تحقيق مستمرّ، كانت قد فتحته المدعية العامة السابقة في 2021، بشأن جرائم حرب محتملة في فلسطين، وحثت منظمات دولية في بداية الحرب الحالية المدّعي العام على تقديم بيان رسمي واضح بشأن انطباق ولاية المحكمة الجنائية الدوليّة على الوضع الحالي.

وفي مايو/أيار 2024 قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان لكريستيان أمانبور إنه يسعى إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، خلال هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل، والحرب التي تلتها على غزة. وأضاف أن المحكمة الجنائية الدولية تسعى كذلك إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بالإضافة إلى اثنين آخرين من كبار قادة حماس، وهما: محمد الضيف، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس. وأسقطت المحكمة طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق هنية بعد مقتله في طهران في يوليو/تموز الماضي.

وفي وقت لاحق، قررت المحكمة الجنائية الدولية تأجيل إصدار مذكرتي اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، لمنح فرصة لمزيد من الآراء القانونية. وقالت المحكمة إن الخطوة جاءت بعد طلب أكثر من 60 دولة ومنظمة تأجيل صدور القرار لعرض اعتراضاتها بشأن طلب الاعتقال.

نشير إلى إنه في شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2023، رُفعت دعوى جنائية ضد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ تزامنًا مع حضوره في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية، صحيح أن الشرطة لم تقم بتوقيفه والتحقيق معه، لكن هذه الدعوى أثارت القلق والخوف لدى قيادات إسرائيلية كثيرة.

الاحتلال غير مشروع
بأغلبية 124 عضوا اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر \ أيلول 2024 قرارا يستند الى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 19 تموز/ يوليو 2024 ويطالب بأن تنهي إسرائيل- دون إبطاء- وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في غضون مدة أقصاها 12 شهرا من تاريخ "اتخاذ القرار"، وأن تمتثل إسرائيل دون إبطاء لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك على النحو الذي تنص عليه مـحكمة العدل الدولية .

الحرب الأكثر دموية منذ رواندا
أسفرت الحرب على قطاع غزة عن استشهاد ما لا يقل عن 41909 فلسطيني. وأشارت تقارير طبية فلسطينية إلى أن عدد المفقودين تحت الأنقاض أو في الطرقات، ممَّن لم تتمكن طواقم الإسعاف ورجال الإنقاذ من الوصول إليهم، يقدر بحوالي 10 آلاف مفقود.
وبلغ عدد الجرحى والمصابين بحسب وزارة الصحة الفلسطينية 97303. ووفق المكتب الإعلامي الحكومي لقطاع غزة، أباد الجيش الإسرائيلي 902 عائلة فلسطينية في قطاع غزة، بقتل كامل أفرادها، ومسحها من السجل المدني.

وتشير الاحصاءات الى ان الجيش الاسرائيلي قتل 173 صحافياً، 710 اطفال رضع، 11000 امرأة، وان 19 ألف طفل باتوا يعيشون دون والديهم أو أحدهما، وأكثر من 6000 أسرة فقدت أمهاتها.

وبحسب خبراء الأمم المتحدة، أنّ آثار التعذيب والإعدام بإجراءات موجزة تظهر على العديد من الجثث المكتشفة في المقابر الجماعية، بالإضافة إلى حالات محتملة لأشخاص دفنوا أحياء.




ووفق منظمة الصحة العالمية سجلت نحو مليون حالة من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة في قطاع غزة خلال العام المنصرم دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار. ويخشى الأطباء من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في المواليد بسبب تسرب المعادن في السنوات القادمة.

ويواجه سكان غزة أزمة نقص غذاء غير مسبوقة، إذ أكدت 16 منظمة إغاثة إنسانية تابعة للأمم المتحدة أن 83% من المساعدات الغذائية تم منعها من دخول غزة بعد مرور عام على الحرب، وارتفعت نسبة المساعدات الممنوعة من 34% في 2023 إلى 83%، ما أدى إلى تقليص الطعام إلى وجبة واحدة في اليوم، وحوالي 50 ألف طفل بحاجة ملحة للعلاج من سوء التغذية. وأدى انخفاض القدرة على تحلية مياه الشرب إلى انتشار فيروس شلل الأطفال وانضمامه إلى قائمة التهديدات، خاصة بعد أن ظل قطاع غزة خالياً من المرض منذ 25 عاماً، لتبدأ المنظمات الأممية حملة لتطعيم أكثر من 600 ألف طفل.

ايضاً ووفق بيان مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة جودة البيئة صدر في الخامس من يونيو/حزيران الماضي، فإن إجمالي المياه المتوفرة في قطاع غزة تقدر بنحو 10% إلى 20% من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان.

 ويتعمد الجيش الاسرائيلي التعطيش سلاحا ضد الفلسطينيين في حرب الإبادة، وفق ما أفاد به مسؤولون حقوقيون، وهو ما صنفته أوكسفام ضمن "جرائم الحرب"، حيث يواصل الجيش منع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطات المياه المتبقية في القطاع إلا بكميات شحيحة جدا، مما يعيق وصول الفلسطينيين إلى حصصهم القليلة.

عمدت إسرائيل إلى إحراق وتدمير معظم مستشفيات القطاع وأخرجتها عن الخدمة واستهدفت الطواقم الطبية ومنعت دخول الأدوية.

ودمرت إسرائيل 93 % من المباني المدرسية وقتلت أكثر من 11 ألفاً و600 طفل فلسطيني في سن التعليم المدرسي و750 معلماً وموظفاً تربوياً، بالإضافة إلى أكثر من 1100 طالب جامعي و130 أكاديمياً فلسطينياً.

ايضاً تعرض أكثر من نصف مرافق الأونروا للقصف، وغالبيتها العظمى مدارس، وإن بعضها دمر بالكامل وأصبح خارج الخدمة. وحتى 6 يناير/كانون الثاني 2024، قُتل 146 من موظفيها. مع الإشارة إلى تعرض مقر وكالة الأونروا في القدس الشرقية المحتلة للهجوم في مايو من العام 2024، والى الضغوط المختلفة السابقة للحرب على الوكالة.

كذلك دمرت إسرائيل نحو 206 مواقع أثرية وتراثية من أصل 325 موقعا في القطاع، ولا سيما في ما يعرف بـ"البلدة القديمة"، وهي مدينة أثرية تعود إلى الحضارة الفينيقية، التي ترجع إلى نحو 1500 عام قبل الميلاد.

وتسببت الحرب بنزوح 1.9 مليون شخص في غزة. ووفق إحصائيات الأمم المتحدة، إن "9 بين كل 10 أشخاص في غزة نزحوا عن ديارهم مرة واحدة على الأقل، وفي بعض الحالات لـ 10 مرات"، وإن نحو "305 كيلومتر مربع - أي ما يقرب من 84 في المئة من مساحة قطاع غزة - خضعت لأوامر إخلاء صادرة عن الجيش الإسرائيلي".

إن أكثر من عشرة آلاف امرأة قُتلت في غزة، وتواجه النساء الحوامل والمرضعات مضاعفات شديدة ويعانين من الالتهابات وفقر الدم وارتفاع ضغط الدم. ووفق استطلاع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، عانت حوالي 68 في المائة من النساء الحوامل اللواتي شملهن الاستطلاع من التهابات المسالك البولية وفقر الدم واضطرابات ارتفاع ضغط الدم والنزيف المهبلي أو النزيف. كما أن الافتقار إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية هو مصدر آخر للقلق.

وتعد هذه الحرب الأكثر خطورة على الصحافيين، بحسب تصريحات أيرين خان مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير حيث وصل عدد من قُتِل منهم أثناء الصراع هناك إلى نحو 140 وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع في مايو 2024.

كما إن ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ليس كما بعده بالنسبة لآلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. إن عددهم هو الأعلى تاريخياً منذ عام 1967، وقد مورست ضدهم أبشع الجرائم من القتل والإعدام، إلى التعذيب الوحشي والتحرش الجنسي والاغتصاب، وحتى التجويع والحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية. ايضاً، توفي ما لا يقل عن 53 فلسطينيًا على الأقل في هذا السياق خلال 10 أشهر.  وشهد العام تحريضاً من الحكومة الإسرائيلية ضد الأسرى، وصلت إلى حد دعوة إيتمار بن غفير إلى إعدام الأسرى.

هل قطاع غزة صالح للحياة بعد الحرب؟
بعد عام كامل على العمليات العسكرية الإسرائيلية، يبقى التعامل مع أطنان الأنقاض من أصعب التحديات لسكان غزة. وقدّرت الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مباني مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة.

ووفق بيانات الأقمار الصناعية للأمم المتحدة، فإن ثلثي مباني غزة التي بنيت قبل الحرب، تمثل المباني المتضررة في قطاع غزة 66% ويبلغ عددها 163 ألفاً و778 مبنى، ويُقدر إن الأضرار تشمل الآن 52564 مبنى دُمرت، و18913 مبنى تضررت بشدة، و35591 مبنى تضررت هياكلها، و56710 مبنى لحقت بها أضرار متوسطة. وأشارت تقديرات الأمم المتحدة في أبريل/نيسان 2023، إلى أن إزالة الأنقاض سوف تستغرق 14 عاما. وقالت إن هذا الركام أكبر من كمية الأنقاض المتراكمة في غزة منذ الحرب الأولى عام 2008-2009 بـ 14 مرة، وأكثر من خمس مرات الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017. وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن قطاع غزة سيحتاج إلى نحو "80 عاما لاستعادة جميع وحدات الإسكان المدمرة بالكامل، طبقا لتقييم افتراضي يستند إلى وتيرة إعادة إعمار اُتبعت في الصراعات السابقة في غزة.




استخدام القوة المميتة في الضفة
يظل الوضع في الضفة الغربية في تفاقم مع تخطي الأعداد المسجلة للشهداء الفلسطينيين أي فترة أخرى منذ العام 2005. الارتفاع مرده إلى العمليات العسكرية المكثفة لقوات الأمن الإسرائيلية وارتفاع في الهجمات العنيفة من قبل المستوطنين على المجتمع الفلسطيني. واستخدمت القوات الإسرائيلية بشكل متزايد التكتيكات والأسلحة العسكرية في عمليات إنفاذ القانون، وانطوى العديد منها على غارات جوية استهدفت القرى ولا سيما مخيم جنين للاجئين.




ووفقًا للتقرير الذي صدر في يونيو /حزيران 2024 عن لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل، أن الحكومة والقوات الإسرائيلية سمحت وعززَّت وحرّضت على حملة هجمات عنيفة من قبل مستوطنين ضد مجتمعات فلسطينية في الضفة الغربية. وتم الإبلاغ عن 1270 هجوماً من قبل المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين. كما تم بناء أو الموافقة على 6730 وحدة سكنية في مستوطنات غير قانونية، إضافة إلى هدم مئات المباني.

تصاعد عنف المستوطنين بشكل بالغ، وقد أجبر هذا العنف الآلاف من الرعاة على ترك منازلهم، ما قد يرقى إلى حد النقل القسري للسكان، وهو انتهاك خطير لاتفاقية جنيف الرابعة. والعديد من المجتمعات المحلية مغلق أساسًا، مع إقفال الطرقات وزرع الكثير من نقاط التفتيش وتقييد حرية التنقل، وتُركت بعض المجتمعات المحلية الفلسطينية الأكثر ضعفًا معزولة تمامًا ومحرومة من إمكانية الحصول على السلع والخدمات الأساسية.



احدث المنشورات
Dec 07, 2024
النشرة الشهرية لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024
Dec 03, 2024
الديون السيادية في المنطقة العربية: بين استدامتها وعدالة السياسات الضريبية - أحمد محمد عوض
منشورات ذات صلة
Jan 23, 2023
مرصد الفضاء المدني - فلسطين: التقرير الوطني لراصد الفضاء المدني
Jun 05, 2023
دولة واحدة أو دولتان وتعقيدات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي‪