منطقة مشتعلة
العدد ١٢ - ٨ تشرين أول/اكتوبر ٢٠٢٤
حروب في كل الاتجاهات
بعد مرور عام على السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، خرجت الأحداث في الشرق الأوسط عن نطاق السيطرة، وأصبحت إسرائيل تخوض حرباً عسكرية على جبهات متعددة، تشمل غزة ولبنان وإيران واليمن وسوريا والعراق. كما انها دخلت في مواجهة كلامية وسياسية مع الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومع غالبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأطراف دولية أخرى، تعارض أو تبدي تحفظات على نزعتها الحربية العدوانية، وما تعتبره انتهاكاً للقانون الدولي. لكن ذلك لم يُترجم في تراجع الدعم العسكري والسياسي الذي تحصل عليه حكومة نتنياهو، ولا في التوصل الى وقف لأطلاق النار – ولو مؤقت – لا في غزة ولا في لبنان.
لبنان: التطورات الميدانية
استمرار الغارات الجوية: استمرت الغارات الإسرائيلية على مختلف قرى البقاع والجنوب وعلى ضاحية بيروت الجنوبية. وتستهدف إسرائيل في ضرباتها منازل ومنشآت أشخاص مدنيين، موقعةَ المزيد من الضحايا والجرحى والتدمير.
ووفق أرقام وحدة ادارة الكوارث في الـ ٢٤ ساعة الماضية لغاية الساعة ٦ مساء الثلاثاء، بلغ عدد الغارات 137 غارة، ليصبح العدد الإجمالي 9400، أما عدد الشهداء هو 36 شهيداً و150 جريحاً ليصبح العدد الإجمالي 2119 شهيداً و10019 جريحاً. كما بلغ عدد النازحين في مراكز الايواء 181,700، ومن تاريخ ٢٣ أيلول لغاية ٨ تشرين الثاني، تم تسجيل عبور 304,897 مواطن سوري و107,333 مواطن لبناني و3,516 مواطن عربي وأجنبي الى الأراضي السورية.
أكدَّ حزب الله أنه قصف مدينة حيفا ومحيطها في شمال إسرائيل بعشرات الصواريخ من مناطق يجري الجيش الإسرائيلي فيها عملياته البرية، مما أدى إلى دوي صفارات الإنذار بمناطق عديدة. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنه رصد إطلاق نحو 85 صاروخاً من لبنان نحو مناطق في الشمال بما فيها مدينة حيفا، واصفاً إياها بانها الرشقة الصاروخية الأكبر التي تستهدف مدينة حيفا. في حين استمرت الغارات التي تستهدف مراكز لحزب الله وقياداته في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع.
الطيران المدني: أكدَّ مستشار رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد عزيز وجود تطمينات أن مطار بيروت محيَّد عن الصراع، ولتأكيد ذلك تسلَّم الجيش اللبناني الامن في محيط المطار وفي داخله.
استهداف المنشآت المائية: صرح المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي علوية إن العدو الاسرائيلي استهدف نقطة رئيسية في مشروع ري نهر القاسمية (جنوبي لبنان) ما تسبب بإغراق جزء واسع من الاراضي الزراعية. علما أن المشروع يوفر مياه الشفة لمنطقة واسعة في القطاع الغربي بالإضافة إلى مشاريع الري لأراض واسعة.
استهداف المرافق الصحية: أعلنت منظمة الصحة العالمية ان الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ 36 هجوماً على المرافق الصحية منذ أكتوبر الماضي في لبنان ما أدى الى اقفال 96 مركزا للرعاية الصحية الأولية وعيادات، ومقتل 77 عاملاً في المجال الصحي.
التطورات السياسية
استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزيرة الدولة للتعاون الدولي لولوة بنت راشد الخاطر في دولة قطر التي وجهت رسالة تضامن ورسالة محبة للبنان، وأكدت حق لبنان في المحافظة على أمنه واستقراره كما أدانت بشدة كل الاعتداءات ضد المدنيين اللبنانيين، واعتبرت ان إسرائيل ما كانت لتتمادى بهذا الشكل وأن توسع رقعة الصراع خارج إطار غزة لو أن المجتمع الدولي وقف وقفة جادة أمام ما كان يحدث في غزة.
تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاً هاتفياً من نظيره في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي أكد وقوف الإمارات إلى جانب لبنان وشعبه، واتخاذ التدابير اللازمة لتوفير الاحتياجات الطارئة وفتح باب التبرعات من الشعب الإماراتي.
صرح الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط انه تمَّ مع رئيسي البرلمان والحكومة وضع أسس لإمكانية الوصول إلى حل أو تسوية في الداخل اللبناني، وتطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش في الجنوب، إضافة إلى التوصل لوقف لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701 واتفاق الهدنة 49 وانتخاب رئيس توافقي. وبعد ذلك يمكن الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية وموضوع السلاح خارج الدولة. واكد ان وزير الخارجية الايراني لا يستطيع أن يعطي اللبنانيين دروساً في المواجهة والصمود.
رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل قال انه حان الوقت أن نستوعب أنه يتم التلاعب فينا وليس لدينا إلا بعضنا البعض كلبنانيين، واضاف انه من المهم اعادة إطلاق المفاوضات ووقف الدخول البري الاسرائيلي وعلى حزب الله ان يتقبل قرار الدولة اللبنانية بوقف إطلاق النار بعد كل هذا الدمار، وسقوط معادلة الردع.
أشار الوزير والمبعوث السابق للأمم المتحدة د. غسان سلامة ان حرب اسرائيل مع لبنان تجري وفق خطة وُضعت منذ العام 2006 وطوروها تكنولوجياً. وان لبنان وافق على البيان الفرنسي لوقف إطلاق النار، وفرنسا ترغب في إنهاء الحرب والتوصل الى تسوية، لكن الطرف القادر على تحقيق ذلك هو الولايات المتحدة الاميركية، ولفت الى أن الاوراق عديدة بيد الاميركيين لوقف إطلاق النار لو ارادوا ذلك من خلال وقف امداد المال والاسلحة وعدم استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الامن.
اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان أميركا ودول غربية تضغط على حزب الله كي لا يواجه إسرائيل، وأن لبنان كان مستهدفاً قبل إسناد غزة، كجزء من مشروع نتنياهو للشرق الأوسط الجديد. وقال ان الحزب يثق برئيس مجلس النواب نبيه برى من أجل التفاوض على وقف إطلاق النار على أن تؤجل النقاط الأخرى – لاسيما انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة كاملة الصلاحية الى ما بعد تنفيذ وقف إطلاق النار. كما أكد استمرار القتال على الأرض والقدرة على الانتصار، وان حزب الله متماسك ويعالج الوضع وفقاً لقواعد تنظيمه الداخلية، بما فيها انتخاب أمين عام جديد.
أكد الوزير السابق سليمان فرنجية (رئيس تيار المردة ومرشح حزب الله لرئاسة الجمهورية) أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يزال داعماً لترشيحه. وانه لا وجود لرئيس يرضي الجميع، وان المطلوب رئيسا فعليا وشرعيا وأن يكون وطنياً وعربياً وأن يحمي ظهر المقاومة، ولكن في حال التوافق على أي اسم مرشح آخر لن تتم معارضته.
الاستجابة الإنسانية
أطلقت قطر جسر جوياً من الدوحة إلى بيروت، ووفق وزيرة الدولة للتعاون الدولي من المتوقع إرسال 10 طائرات محملة بالمواد الطبية وكذلك مواد الايواء والمواد الغذائية خلال هذا الشهر.
وصلت طائرتان عسكريتان فرنسيتان الى القاعدة العسكرية في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت تنقلان شحنة مساعدات أدوية ومستلزمات طبية مقدمة من الدولة الفرنسية في حضور السفير الفرنسي لدى لبنان.
كما وصلت الى مطار بيروت طائرات من كل من الأردن ومصر وتركيا وبولندا وباكستان وروسيا ومنظمة الصحة العلمية.
الا أن حجم المساعدات لم يصل الى نصف الاحتياجات التي حددها النداء المشترك بين منظمات الأمم المتحدة العاملة في لبنان والحكومة اللبنانية.
مواقف دولية
أصدرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام بيانًا مشتركًا جاء فيه أنه "مرَّ عام على تبادل إطلاق النار بصورة شبه يومية عبر الخط الأزرق، منذ أن بدأ حزب الله بإطلاق صواريخ نحو مزارع شبعا، في انتهاك لوقف الأعمال العدائية وقرار مجلس الأمن 1701 (2006). ورأوا أنه "اليوم، بعد مرور عام، تصاعد التبادل شبه اليومي لإطلاق النار إلى حملة عسكرية شعواء ذات كلفة إنسانية كارثية. إذ أصبح القصف الإسرائيلي المستمر جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في لبنان، وقيام حزب الله بإطلاق الصواريخ والقذائف تجاه إسرائيل، حيث يتكبد عدد هائل من الناس ثمنًا لا يُمكن تصوره من القتلى والجرحى فضلًا عن مئات الآلاف من النازحين."
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أكدَّ ان قوات حفظ السلام في لبنان (يونيفيل) تعرب عن قلقها العميق إزاء الأنشطة الأخيرة للجيش "الإسرائيلي" قرب أحد مواقعها في لبنان، وانه من غير المقبول المساس بسلامة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تنفذ تفويضا من مجلس الأمن.
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه بسبب الضغوط الإسرائيلية على عمل الاونروا في الراضي الفلسطينية، ومشروع القرار المقدم لمنع الوكالة من العمل في الأراضي المحتلة.
شدد الرئيس الفرنسي على أن «التزام فرنسا بأمن إسرائيل لا يتزعزع»، وأن لإسرائيل «الحق في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب مثلها مثل الجميع»، إلا أنه «أعرب عن اقتناعه بأن وقت وقف إطلاق النار قد حان الآن؛ فإيصال الأسلحة، وإطالة أمد الحرب في غزة وامتدادها إلى لبنان لا يمكن أن يحقق الأمن الذي يتوقعه الإسرائيليون وكل من في المنطقة. ويجب بذل جهد حاسم دون تأخير لوضع الحلول السياسية الضرورية لأمن إسرائيل والجميع في الشرق الأوسط».
نقلت" أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين بأن إدارة بايدن لا تعارض رد "إسرائيل" على الهجوم الإيراني لكنها تريد أن يكون مدروساً. وأعلن البيت الأبيض أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل أقوى من أي وقت مضى.
وزارة الخارجية الأميركية اعلنت انها تعمل على التطبيق التام للقرار 1701 في لبنان، وان عمليات إسرائيل البرية في لبنان محدودة حتى الآن وفق تقييمها، واكدت أبلغها إسرائيل بضرورة إبقاء الطرقات المؤدية إلى مطار بيروت مفتوحة.
أعلن وزير الخارجية الإيراني انه على اسرائيل ألا تعبث مع قدرات إيران لان الاخيرة لن تتردد او تتأخر في الرد في حال الهجوم على المؤسسات أو البنى التحتية الايرانية، وستتلقى اسرائيل ردا أكثر قسوة، واكد ان إيران لديها بنك أهداف في إسرائيل والصواريخ الايرانية قادرة على ضرب أي هدف.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن حزب الله أصبح منظمة بلا رأس بعد أن تم القضاء على أمينه العام حسن نصر الله، وربما بديله هاشم صفي الدين. وان مجموعة النيران التي يطلقها حزب الله بنيت على مر السنين باستثمارات إيرانية ضخمة. ولفت إلى أنه "عندما ينقشع الغبار عن سماء لبنان ستدرك إيران أنها خسرت ذخرها الثمين.
دعا بنيامين نتنياهو اللبنانيين الى تحرير بلدهم من حزب الله، وقال إن تل أبيب تمكنت من اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وخليفته هاشم صفي الدين. ويعتبر هذا أول تأكيد رسمي إسرائيلي لمقتل رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، هاشم صفي الدين.
قال مسؤول العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل أن الوضع في لبنان يزداد سوءاً وأن الجيش اللبناني لا يمكنه ان يكون قوة موازية لحزب الله ولا أن يضمن سلامة البلاد.
وفي مؤتمر صحفي مشترك بين وزيري خارجية مصر والأردن أكدا رفضهما نوايا إسرائيل نقل سكان الضفة الى الأردن وغزة الى مصر معتبرين انهما ضد تهجير الشعب الفلسطيني مؤكدين على حقه في العيش بسلام على أرضه وفي دولته. كما طالبا بوقف معاناة الشعب اللبناني وأن على إسرائيل وقف إطلاق النار فورا. كما أكد الوزيران عن التزام بلديهما مساعدة لبنان لمواجهة الازمة الإنسانية التي يواجهها نتيجة العدوان الإسرائيلي.
قطاع غزة: حرمان مليوني شخص من الخدمات الصحية
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة ارتفاع إجمالي الشهداء يوم الثلاثاء إلى 41 ألفًا و965 فلسطينيًا جراء غارات الجيش الإسرائيلي المستمرة منذ الـ 7 من أكتوبر الماضي. وأفادت صحة غزة، أن إجمالي المصابين ارتفع إلى 97 ألفًا و590 شخصًا وسط أوضاع صحية متردية في جميع أنحاء القطاع. وارتكب الجيش الإسرائيلي خلال الـ 24 ساعة الماضية 8 مجازر وصل منها للمستشفيات 56 شخصًا.
وكانت الوزارة قد أعلنت في بيان صادر عنها نهار الاثنين 7 أكتوبر إن الجيش الإسرائيلي استهدف ما يقارب 65% من المؤسسات الصحية (الحكومية، الأهلية، الخاصة، وكالة الغوث الدولية)، وما تبقى يعمل بشكل جزئي وبنسبة إشغال 300%، خاصة أقسام العناية المركزة والحضانات. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي دمر البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي ومنع إدخال المنظفات ومواد التعقيم، مما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض، مثل التهاب الكبد الوبائي وشلل الأطفال والأمراض الجلدية.
