Nov 06, 2024
حرب السودان : الاغتصاب من سلاح للهوية الي حرب اجرامية - نعمات كوكو محمد

حرب السودان : الاغتصاب من سلاح للهوية الي حرب اجرامية - نعمات كوكو محمد 



تدخل حرب السودان التي انفجرت في 15 أبريل 2021 م علي عامها الثاني وتحمل معها كافة انتهاكات حقوق الانسان من دمار, موت , نزوح ولجؤ الي دول الجوار, وكان العنف الجنسي وأستخدام " سلاح الاغتصاب " من الادوات الاساسية في هذه الحرب , وقد تم توثيق الحالات التي نُسِبت إلى القوات المسلحة السودانية والمجموعات المتحالفة معها، إلا انه وجد أن معظم حالات العنف الجنسي وأستخدام " سلاح الاغتصاب " قد ارتكبتها قوات الدعم السريع وبالتحديد في ولاية الخرطوم ودارفور الكبري  والجزيرة  كجزء من نمط يهدف إلى إرهاب ومعاقبة المدنيين بسبب صلاتهم المفترضة مع الطرف الآخر، وإلى قمع القوي المعارضة 



بالرغم من أن العنف الجنسي خاصة أستخدام " سلاح الاغتصاب " يعتبر ظاهرة جديدة في تاريخ السودان الحديث رغم الحروبات الممتدة منذ عام 1955 م حيث لم يتم اي توثيق تاريخي لهذه الظواهر رغم الديناميكيات السياسية والاجتماعية التي كانت من أسباب هذه الحرب حيث أعتبر " الاغتصاب " نوع من التفلتات الامنية التي يعاقب عليها قانون القوات المسلحة , الا ان حرب دارفور التي أنفجرت منذ عام 2003 م والتي أتسمت بالبعد القبلي والاثني فقد شكلت نقلة نوعية في تاريخ الحروبات والصراعات في السودان بأستخدم " الاغتصاب سلاحا للهوية " في ديناميكية الصراع الاثني المدعوم من قبل المليشيات العربية ذات الامتدادات العرقية من غرب أفريقيا فيما عرفت بقوات " الجنجويد" ضد بعض القبائل والاثنيات الاخري , وبذلك اصبح العنف الجنسي  خاصة " الاغتصاب " أحد اسلحة المعارك اليومية في دارفور وراح ضحيته العديد من النساء والفتيات حتي اثناء الفترة الانتقالية .  لقد كان أستخدام " الاغتصاب كسلاح للهوية " أحد أدوات المعارك اليومية في أشارة واضحة لانتهاك " شرف القبيلة " والذي يمثله "شرف المرأة " في المجتمعات المحلية , ولقد شكلت هذه الظاهرة نقطة فارقة في تاريخ المرأة السودانية حيث تعرضت النساء والفتيات لتحديات كبيرة ومتعددة أثرت في سلامتهن ومسيرة منظومة الحقوق الانسانية بشكل مباشر , وبرزت الاوضاع المأساوية التي واجهت النساء والفتيات في مناطق النزاعات .



جاءت حرب 15 أبريل 2021 م في اطار الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وهو صراع ذا بعد سياسي واقتصادي وأجتماعي وفي ظل الاستقطابات الاقليمية ذات طابع المصالح الاقتصادية , ظهرت مرة أخري أستخدامات العنف الجنسي وسلاح " الاغتصاب " كوسيلة للأرهاب وأذلال المجتمعات المحلية في كافة مناطق السودان بتعدد مناطقه الجغرافية خاصة المناطق التي اجتاحتها قوات الدعم السريع وتم أستخدامها بطريقة مأساوية في شرق الجزيرة في اكتوبر 2024 م, وهنا تبرز مأساة المرأة السودانية التي دفعت ثمنا باهظا نتيجة لهذه الحرب التي تستمر حتي الان علي أجساد النساء . 




لقد أدي توسع هذه الحرب الاجرامية جغرافيا لتشمل أجزاء عديدة من البلاد الي موجات جديدة ومتعددة من العنف الجنسي بما في ذلك الاستعباد الجنسي , الاختطاف , الاتجار , الزواج القسري مع تعدد عدد الزيجات من الرجال للمرأة أو الفتاة الواحدة مع بروز استخدام " سلاح الاغتصاب " بشكل واسع ومدمر للنساء وللنسيج الاجتماعي للاسر والمجتمعات المحلية . 



لقد عكست التقارير ذات الاحصاءات الموثوقة للفترة من 15 أبريل 2021م  وحتي 30 أبريل 2024 م أن العدد الكلي لحالات "الاغتصاب" قد بلغت خلال هذه الفترة 448 حالة وهي التي وصلت الي المستشفيات وتم توثيقها كحالات طبية  , بينما وصل عدد الاطفال الي 131 حالة وتمثل 73.75 % وجاء عدد الرجال 6 حالات لتمثل ما نسبته 1.86 %  . وقد أجمعت هذه التقارير أن هذه الاحصاءات منخفضة جدا مقارنة بالارقام المتوقعة بسبب صعوبة الوصول الي الخدمات وطلب المساعدات الطبية, مع الصمت والخوف من الوصمة الاجتماعية التي سوف تلحق بالناجيات وأسرهن , بالاضافة الي غياب الموسسات المختصة خاصة القانونية وأليات الابلاغ . كما تم  الأعلان  بإن حوالي 7 ملايين امرأة وفتاة في السودان يتعرضن لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي, أضافة الي  أن تلك الجرائم ومنها "الاغتصاب الجماعي" قد تكررت وإن آثارها على الأفراد والمجتمع ستمتد لسنوات طويلة وسط اضطرارهن إلى تأمين الأساسيات لعائلاتهن مع القلق والخوف من المجهول . و تم رصد لظاهرة الاستغلا الجنسي القسري خاصة وسط الشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 17 و25 عاما  , مع ملاحظة انتشار هذه الظاهرة في أماكن سيطرة قوات الجيش ومليشياتها مما يعكس سيادة الذهنية الأبوية .



كما تم الكشف عن توثيق حالات من الاختفاء القسري بلغ 118 حالة اختفاء قسري بينها 102 من الرجال  و10 من النساء، وذلك من أصل 1100 حالة رُصدت منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023  . يرجع انخفاض عدد الحالات الموثقة الخاصة باختفاء النساء إلى عدة عوامل، منها صعوبة توثيق حالات الاختفاء القسري بينهن بسبب الطبيعة المركبة لهذه الجريمة، التي تتضمن غالبًا انتهاكات إضافية مثل التحرش أو الاغتصاب، مما يزيد من تخوف الأسر من الوصمة الاجتماعية حيث تتردد بعض العائلات في الحديث عن حالات اختفاء النساء خوفًا من العار المجتمعي مما يعقد من عمليات الرصد ويحد من دقة التوثيق, كما تمت الاشارة الي أن تمثيل الشباب النسبة الأكبر من المختفين. 



أن أستمرار هذه الحرب في السودان مع تعدد أستخدام كافة أسلحة الدماروتزايد ظاهرة انتهاكات حقوق الانسان بما فيها الحق في الحياة حيث فضلت النساء والفتيات في قري شرق الجزيزة أن يلقين بأنفسهن الي قاع النيل بدلا من أستخدام أجسادهن كأدوات للحرب أو يتم اغتصابهن امام الاسروالابناء والاباء, خاصة وقد تم توثيق 47 حالة  من الاغتصاب  


أن هذه الحرب التي خرجت من اطار المحنة الي الكارثية وقد وصلت الي انها " حرب أجرامية " , فان مكانها ساحات العدالة والمحاكمات الجنائية سواء دوليا أو اقليميا حسب المواثيق والمعاهدات الدولية والاقليمية لانها  جرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال أمدها . الا ان جملة من التحديات الحقيقية تواجه واقع استخدام العنف الجنسي وسلاح الاغتصاب تتمثل في الاتي :-


1- صعوبة رصد المعلومات وتوثيقها خاصة في المجتمعات المحلية 
2- غياب الدعم الصحي والنفسي للناجيات حيث يمثل الضرورة القصوي الان 
3- الصعوبات الطبية والنفسية للنساء الحوامل من الناجيات من الاغتصاب 
4- الصعوبات القانونية في متابعة الاجراءات ذات العلاقة بالحمل والاجهاض خاصة في غياب الموسسات العدلية والقانونية 
5- تحديات الحصول علي الادوية اللازمة لعلاج الامراض المنقولة جنسيا " الايدز" والكبد الوبائي نتيجة لتدمير كافة الموسسات الصحية . 



احدث المنشورات
Nov 06, 2024
الابادة الذكية: حرب العالم "المتطور" ضد الفلسطينيين واللبنانيين - الهام برجس
Nov 06, 2024
أجندة المرأة والسلام والأمن: بين الفاعلية والإخفاق - منار زعيتر