Feb 10, 2025
المنظمات الاهلية في قطاع غزة في ظل الكارثة الانسانية المستمرة - أمجد الشوا
أمجد الشوا
مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية

الرجاء الضغط هنا لنبذة والمنشورات
أمجد الشوا

المنظمات الاهلية في قطاع غزة في ظل الكارثة الانسانية المستمرة أمجد الشوا 

 


كارثة انسانية غير مسبوقة طالت كل مقومات الحياة في قطاع غزة من قتل وتدمير وتجويع وتعطيش واجبار أكثر من 90%من سكان قطاع غزة على النزوح أكثر من مرة، وحرمانهم من ابسط الحقوق الأساسية والخدمات الانسانية الاساسية، وسط تخاذل المجتمع الدولي وصمته تجاه جرائم الابادة التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين.



لا يستطيع المرء التفكر كثيرا بالتفاصيل، عليه أن يستجيب بسرعة وبدون تأخير، ورغم صرخات المواطنين الفلسطينيين الذي حاصرهم ركام المنازل التي استهدفها الاحتلال الاسرائيلي، كانت الاستجابة، لكن مع قلة الامكانيات والمخاطر التي تعرض لها رجال الدفاع المدني وطواقم الدفاع المدني والاسعاف وعمال الاغاثة ارتفع عدد شهداء قطاع غزة الى أكثر من 60 الفا، 70% منهم من الاطفال والنساء اضافة الى مائة وعشرة الاف مصاب، ودمار نحو 80% من المساكن والمؤسسات والبنية التحتية.



منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كان من أول قرارات مجلس الحرب في حكومة الاحتلال هو وقف إمدادات الغذاء والدواء والكهرباء والماء، والبدء في تهجير السكان عن منازلهم في غزة والشمال إلى الجنوب، وسط قصف عنيف لمختلف أنحاء قطاع غزة، حيث لم يكن هناك أي مكان آمن للجوء اليه.



والبدء برحلة الألم والأوجاع والمعاناة لسكان القطاع.


كانت المنظمات الأهلية الفلسطينية المستجيب الأول في تقديم الخدمات الإغاثية للفلسطينيين  سواء الخدمات الصحية والطبية وغيرها من خلال مستشفياتها وعياداتها وطواقمها الذين عملوا من خلال التنقل بين مراكز الإيواء، أو من خلال نقاط طبية انتشرت في مختلف مناطق القطاع لتساهم في تضميد الجراح وعلاج المرضى، وكذلك من خلال تقديم المواد الغذائية والمياه ومواد النظافة الشخصية واحتياجات النساء والملابس، وكذلك برامج الدعم النفسي للأطفال والنساء، وبرامج دعم ذوي الإعاقة ورصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي قانونيا وغيرها.


ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل قيام الاحتلال بفرض القيود أمام دخول المساعدات الغذائية واقتحام المستشفيات في مدينة غزة وشمال القطاع، وتسجيل أعداد من وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية، عملت المنظمات الأهلية الفلسطينية جنبا الى جنب مع وكالات الأمم المتحدة من أجل تقديم ما يمكن للتخفيف من معاناة المواطنين.



كل يوم يتكشف هول الكارثة الإنسانية التي يعيشها أبناء شعبنا جراء العدوان الإسرائيلي خلال الاربعة عشر شهرا الماضية وكذلك نماذج الصمود التي يمر بها شعبنا الصامد في ظل استمرار القصف وإغلاق المعابر ومنع كافة المساعدات الإنسانية وغيرها.


وعلى الرغم من صعوبة العمل في ظل عدم توفر المواصلات والاتصالات والوقود وانقطاع الكهرباء المستمر منذ بداية العدوان وخدمات الانترنت بالنسبة للمنظمات الأهلية. وعلى الرغم من نزوح معظم الموظفين والموظفات فقد عملت على إنشاء مراكز جديدة لها في مناطق النزوح، وبادرت بالتنسيق مع كافة الجهات الإنسانية العاملة في قطاع غزة من أجل الاستمرار، في أداء رسالتها وخدماتها.



واستجابت عدد من المؤسسات بتحويل مقارها إلى مراكز لإيواء النازحين واستضافتهم وتوفير كافة إمكانيتها المتاحة لخدمتهم، كما قامت بعض المؤسسات بتقديم المعونة النقدية للنساء النازحات في مناطق قطاع غزة بالتعاون مع المؤسسات الدولية ومزودي الخدمات المصرفية والصرافة.



كما وعملت العديد من المنظمات الأهلية على توزيع الطرود الغذائية ذات القيمة الغذائية من الخضروات الطازجة والمعلبات، والمواد غير الغذائية ودعم شراء الملابس الشتوية للأشخاص النازحين في قطاع غزة، وكذلك توفير مواد الإيواء من فرشات وأغطية في ظل تعدد الاحتياجات المختلفة للفئات النازحة من المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح هذه المواد في الأسواق، بالإضافة إلى توفير فرص عمل للخريجين لتعزيز قدراتهم على الصمود ومواجهة الظروف الاقتصادية المتردية بسبب الحرب والحصار المستمرين على قطاع غزة.


كما قامت العديد من المنظمات الأهلية الفلسطينية بإنشاء المطابخ المجتمعية (التكيات) لتوزيع الوجبات الجاهزة الساخنة وبالذات خلال شهر رمضان المبارك الذي حل في ظل اشتداد أزمة التجويع واشتداد الهجمة من قبل الاحتلال على الأهالي في كافة مناطق القطاع.



لم يقتصر تقديم الخدمات على الإغاثة والغذاء فقط، فقد اتسعت دائرة تقديم الخدمات لتشمل الأشخاص من ذوي الإعاقة والأطفال وتقديم كافة المساعدات الممكنة لذوي الإعاقة بما فيها مبتوري الاطراف، حيث وفرت المنظمات العاملة في قطاع التأهيل الكراسي الخاصة بذوي الإعاقة الحركية والسماعات والبطاريات لذوي الإعاقة السمعية، وغيرها من المساعدات التي تمكن الأشخاص من ذوي الإعاقة على التعامل مع الأوضاع أثناء الأزمة.



مجال الخدمات الصحية والإسعاف ظهر جليا دور المنظمات الأهلية وموظفيها في تعزيز صمود المواطنين، والعمل في ظل ظروف لا يمكن تخيلها تحت تهديد سلطات الاحتلال للطواقم الطبية لهذه المؤسسات بإخلاء مقراتهم إلا أنهم استمروا في البقاء مع المرضى وتقديم الخدمة الصحية المتوفرة لديهم، حيث ظهرت العديد من الأمثلة التي لم تغادر فيها الطواقم الطبية مقرات الخدمة لأسابيع مستمرة.


وفي مجالات الحماية عملت معظم المؤسسات على توفير الدعم النفسي والاجتماعي لكافة الفئات، وبالذات النساء والفتيات ذوات الإعاقة، وبدون الإعاقة وتوزيع حقائب الكرامة عليهن، وكذلك تنظيم لجان للحماية المجتمعية تستهدف مجتمعات النزوح والإيواء، حيث تهدف هذه اللجان إلى فهم أشمل وأعمق لاحتياجات النازحين في مختلف القطاعات ومشاركة هذه الاحتياجات مع أصحاب العلاقة وصولا إلى استجابة إنسانية مرنة وكريمة، في ظل استمرار الأزمة حتى بعد إعلان مراحل وقف إطلاق النار.


كما عقدت المنظمات الأهلية العديد من البرامج والدورات التدريبية حول "الإسعاف الأولي النفسي" لمقدمي الخدمة والأخصائيين النفسيين في مراكز الإيواء، وتوزيع المعلومات الخاصة بالتواصل والإبلاغ عن مشاكل الحماية في مراكز النزوح.


وفي المجال التعليمي قامت بعض المؤسسات بمبادرات تعليمية في الخيام والمدارس التي تحولت لمراكز إيواء حيث تم تنفيذ أنشطة تعلمية وترفيهية من خلال المساحات التعلمية المؤقتة التي قامت بإنشائها في أماكن النزوح.



وفي المجال الحقوقي والمناصرة قامت العديد من المنظمات الأهلية بإصدار البيانات والتقارير الخاصة وأوراق الحقائق التي اشتملت على توثيق انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين الفلسطينيين، من صحفيين ومرضى وأطباء والعاملين في مجال الإسعاف والدفاع المدني والمعتقلين، حيث طالبت هذه المنظمات المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان منح آليات التحقيق الدولية للتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي يقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على تفعيل دور الرقابة الدولية في ظل ازدياد خطر حدوث المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان دون رادع، مما يعزز حلقة الانتهاكات والإفلات من العقاب.


والآن ومع وقف إطلاق النار وفي ظل عودة النازحين من الجنوب إلى شمال قطاع غزة تكشف المزيد من اهوال العدوان وقلة الامكانيات لتستمر المنظمات الأهلية في العمل على تقديم كافة الخدمات الممكنة من خدمات الرعاية الصحية والمواصلات وتقديم التوعية اللازمة لتفادي الأخطار الناجمة عن المخلفات الحربية غير المنفجرة من أجل ضمان عودة سالمة لهم.



كما تقوم شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بالاستمرار بالتنسيق مع كافة الفاعلين المحليين والدوليين، من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين والعائدين إلى بيوتهم المدمرة، وخلال الفترة القادمة سنقوم بإنشاء العديد من مراكز الخدمات الشاملة للمواطن الفلسطيني، والتي تكفل الوصول للخدمات بسهولة والحصول عليها بكرامة ومساواة.



وكذلك توفير أماكن عمل للمنظمات الأهلية التي فقدت مقراتها ومقدراتها من أجل تمكينها على الاستمرار في أداء رسالتها الإنسانية والمجتمعية.


في الختام، في هذه المرحلة يجب تركيز الجهود على توفير مستلزمات الإيواء والماء والغذاء والمواد الطبية الضرورية للنازحين والعائدين، الذين يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة حيث يجرى العمل بشكل مكثف على توفير خيام للنازحين في مناطق شمال القطاع، مع استمرار توزيع المساعدات الغذائية لتلبية احتياجات الأسر المتضررة من خلال فرق الإغاثة التابعة للمنظمات الأهلية المنتشرة على الأرض، في محاولة لتخفيف المعاناة في هذه الظروف الاستثنائية التي وصلت فيها نسبة التدمير إلى أكثر من 80% للمنازل والبنى التحتية، وتقوم المنظمات الأهلية الآن بالتخطيط للمرحلة القادمة المرتبطة باستعادة الحياة والبدء بعملية إعادة إعمار قطاع غزة. 


ومن الاهمية التاكيد على اهمية مشاركة المنظمات الأهلية بالتخطيط للمرحلة القادمة المرتبطة باستعادة الحياة والبدء بعملية الإنعاش المبكر إعادة إعمار قطاع غزة.




 

أمجد الشوا

 

احدث المنشورات
Feb 11, 2025
النشرة الشهرية عدد: شباط/فبراير 2025 - التطورات في فلسطين
Feb 10, 2025
حلّ الدولتين بين تشاؤم العقل وتفاؤل الارادة - عزت عبد الهادي