Dec 16, 2024
الأوضاع في السودان بعد اندلاع الحرب: مقدمة

الأوضاع في السودان: مقدمة عن ملف السودان الذي نشر في النشرة الخاصة للشبكة



1-           تمهيد:


مرّ أكثر من عام وثمانية أشهر منذ انطلاق الحرب في السودان. وهي وإن لم تكن الحرب الاولى في تاريخه الحديث منذ استقلاله في العام 1956 الا انها تعتبر الاكثر امتدادا في رقعته الجغرافية، وفي تأثيرها على حياة السودانيين. فمن جملة 18 ولاية، طالت الحرب 14 ولاية سودانية مخلفة عشرات الالاف من القتلى والاف الجرحى بالاضافة الى الانتهاكات الجسيمة التي شملت الاغتصاب والاعتقالات والتهجير القسري من المساكن وجملة من الانتهاكات التي طالت حقوق الانسان المتنوعة.


كما أدت الحرب التي بدأت في العاصمة السودانية الخرطوم الى تدمير كبير طال البينية التحتية في السودان، حيث طال المقار الحكومية والمصانع والمحال التجارية وبعض الكباري والجسور كما طال الاف المنازل في السودان.

ووفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل في السودان فان السودان يمر بأوضاع بالغة السوء في ما يخص تحقق الأمن الغذائي حيث يعاني أكثر من 25 مليون سوداني من الجوع الحاد (المرحلة الثالثة لانعدام الأمن الغذائي، بينما من المتوقع ان يصل أكثر من 8 مليون شخص للمرحلة الرابعة (الطوارئ) وقد بلغ عدد الاشخاص الذي وصلوا الى المرحلة الخامسة حوالي 755 الف شخص حيث يهدد شبح المجاعة 14 منطقة في السودان[1].


وبالرجوع الى معلومات البنك الدولي المحدثة في العام 2021 فإن العاملين بالقطاع الزراعي يشكلون 41% من جملة المشتغلين في السودان، الغالبية العظمى منهم هم صغار المزارعين. يواجه هؤلاء مصاعب جمة منذ بداية الحرب، حيث يعتمد العاملون في القطاع الزراعي بشقيه المطري والمروي على تلقي التمويل من البنوك لبداية التحضير للموسم الزراعي. إغلاق البنك الزراعي وتوقفه عن العمل مهدداً بالفشل وهو ما انعكس سلباً على المواسم الزراعية عقب الحرب، بالاضافة الى عدم توفر الأمن في جل المساحات التي تتم زراعتها سنويا.


تتصدى العديد من المبادرات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لشبح المجاعة وكارثة تدهور الأمن الغذائي في السودان، ولكن تظل المجهودات حتى الأن أقل من حجم الفجوة الموجودة.


تجاوز عدد النازحين داخلياً في السودان بسبب الحرب 10.7 مليون شخص بلاضافة الى 2,3 مليون لاجيء خارج البلاد[2]. يعاني النازحون داخلياً من عدم توافر أماكن ملائمة للاقامة حيث أُقيمت أغلب المعسكرات في مدارس غير مؤهلة لهذا الغرض لا كماً ولا كيفاً، كما قام عدد كبير من النازحين بالاقامة مع اسرهم الممتدة في المناطق التي نزحوا لها، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير مع انخفاض قيمة الجنية السوداني بشكل كبير[3].


قبل اندلاع الحرب في السودان في 2023 بلغ اعداد الطلاب خارج التعليم 7 ملايين طفل، وعقب اندلاع الحرب ارتفعت الى 17 مليون طفل، وبعد مرور أكثر من عام ونصف على الحرب فان 7 ولايات هي التي بدأت محاولات لاستعادة التعليم المدرسي دون غيرها. لقد تحولت العديد من المدارس الى دور ايواء للنازحين من مناطق الحرب، كما ان استمرار التعليم في ولايات دون غيرها يطرح اسئلة متعلقة بعدالة التعليم.


ولا يعتبر استمرار الحرب والعنف سبباَ وحيدا لإعاقة التعليم في السودان، حيث يمثل عدم الايفاء برواتب المعلمين أحد القضايا المهمة التي تعيق استعادة الحياة التعليمية في السودان، ومع لجوء اكثر من مليوني سوداني الى الخارج فان ذلك لا يعني قدرة اطفالهم على استعادة مستقبلهم التعليمي مباشرة، فتوفر القدرات المالية، والقدرة على مواكبة المناهج التعليمية المختلفة يشكل تحدي أخر.


توقفت ما بين 70 – 80% من المؤسسات الصحية في السودان عقب قيام الحرب. وقد وثقت منظمة الصحة العالمية وقوع أكثر من 100 هجوم على الكوادر الصحية والعاملين في مجال العون الإنساني[4]، كما تعاني العديد من ولايات السودان من عدم وصول الامداد الدوائي، فاقم ذلك من تدهور الأوضاع الصحية وانتشار الامراض والاويئة مثل الكوليرا , الحمي النزفية والملاريا.


ان اعداد كبيرة من السودانيين الذين يتلقون العلاجات اليومية أو يتلقون الخدمات المنتظمة كغسيل الكلي ماتوا خلال هذه الحرب، فغياب خدمات الرعاية الصحية الملائمة، وعدم انتظام الأمداد الدوائي كان له تأثيره القاتل علي حياة الآلف السودانيين.


هذا الملف وبمشاركة عدد من الباحثين السودانيين يتناول الأوضاع في السودان بعد الحرب بالتركيز على الأوضاع السياسية في السودان، أوضاع النساء، الحماية الاجتماعية الفرص والتحديات وما تتعرض له الصحافة والصحفيين في ظل الحرب، هذه الزويا التي يتم تناولها لا تغطي كل ما يختص بالاوضاع في السودان عقب الحرب ولكن تعطى نموذج للتدهور المريع في الأوضاع عقب الحرب.

 



[3] قبل اندلاع الحرب وحتى الثلاث أشهر الاولى كان الدولار الواحد = أقل من 600 جنيه، الا ان الأن أصبح = أكثر من 2500 جنيه سوداني

احدث المنشورات
Dec 16, 2024
تأثير الحرب على الأوضاع السياسية ومسار التحول الديمقراطي في السودان - د. محمد إبراهيم الحسن
Dec 16, 2024
حرب السودان: النساء بين سندان سلاح الجوع والعنف الجنسي - نعمات كوكو