Jul 30, 2024
أعباء الأمس: أجيال المستقبل وأزمة المناخ
أميمة الشعراوي
ناشطة

الرجاء الضغط هنا لنبذة والمنشورات
أميمة الشعراوي

أعباء الأمس: أجيال المستقبل وأزمة المناخ - أميمة شعوري



إن تفاقم التفاوت بين الأغنياء والفقراء من جهة وبين الدول المتقدمة والنامية من جهة أخرى جاء نتيجة عقدين من التصنيع، والتجارة الحرة ،والخصخصة، والعولمة والإهمال البيئي . وعلى خلاف الاعتقاد السائد، لقد ادت هذه الطفرة الاقتصادية العالمية إلى تدهور  الأوضاع في عدد من البلدان حول العالم، حيث أصبح الأثرياء أكثر ثراءً، وأصبح الفقراء أكثر فقراً. يؤسفنا القول، أن أكبر الاقتصادات في العالم، والتي تتحمل أكبر قدر من المسؤولية فيما يتعلق بالتدهور البيئي، تبذل جهودًا كبيرة في السعي وراء الموارد الطبيعية في العالم من اجل زيادة ثرواتها، مما ادى الى فشل اغلبية الدول النامية في توفير الاحتياجات الأساسية لسكانها من حيث الصحة، والسلامة المالية، والأمن الغذائي. وفقًا لستيوارت ل. هارت، " لم تشهد الدول الاكثر فقرا" حول العالم اي نمو إقتصادي منذ اوائل الثمانينات" (ستيوارت ل.هارت، xxxiii) .



لقد ادت عملية التصنيع الى تزايد الهوة بين الشمال والجنوب اضف الى ذلك التهديدات الجديدة التي ابرزتها. فقد أصبح النمو السكاني إلى جانب قضية تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث، والاحتباس الحراري، وارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، والإفراط في استهلاك الموارد الطبيعية وإساءة استخدامها، قنبلة ذرية للأجيال القادمة، لا بدّ ان تنفجر لا محالة ـ إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه ـ لتضع بذلك حداً لأي مظهر من مظاهر السلام والأمن للبشرية جمعاء.



رغم معاناة وتأثر الكثير من دول العالم بآثار تغير المناخ والانهيار البيئي، فإن الأجيال القادمة على وشك ان تتحمل ما سيكون أشد وطأة واكثر قسوة. تتسارع وتيرة النمو العالمي يوما" بعد يوم ، ليسجل تفاوتا" كبيرا" من حيث توزيع الدخل. لا يزال الناس يكافحون من أجل الغذاء والمأوى بسبب الحروب المتزايدة (غزة، وأوكرانيا، والعراق، وسوريا...) والأوبئة. يرزح ما لا يقل عن مليار شخص تحت خط الفقر المدقع، فهم يفتقرون إلى الوسائل الاساسية التي تكفي لسد احتياجاتهم اليومية، ويموتون كل يوم بسبب "سوء التغذية، ونقص الرعاية الصحية، والمأوى غير الآمن، ونقص مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي" (جيفري د. ساكس 2). وفي هذا الوضع المقلق للغاية، لعب العلماء والمدافعون عن البيئة والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة دورًا اساسيا في وضع أجندة جديدة ترتكز على مبدأ "شمل الجميع من دون اي استثناء" من خلال أهداف التنمية المستدامة أو أجندة الأمم المتحدة 2030، التي تتالف من 17 هدفا" يتعين تحقيقها بحلول عام 2030.



تسع سنوات مضت منذ اعتماد أهداف التنمية المستدامة للتخفيف من حدة التهديدات البيئية وتعزيز السلام والأمن في العالم، السؤال الذي يطرح نفسه: هل تساعد أهداف التنمية المستدامة هذه في الحد من الكارثة البيئية؟ وهل تساهم أهداف التنمية المستدامة هذه في تلبية احتياجات الأجيال القادمة؟ وهل سنتمكن من إنقاذ نظامنا البيئي المهدد بالانقراض ــ والذي يشكل مصدرا" رئيسيا" للغذاء الذي نتناوله، والمياه التي نشربها، والطاقة التي نستهلكها؟ امامنا ست سنوات لتحقيق أجندة الأمم المتحدة 2030، فإن السؤال المطروح هو: هل حقا "تم شمل الجميع دون استثناء"؟  من اجل تحقيق هذه الغاية،  تتحمل الشركات والافراد مجتمعة" مسؤولية ادارة تهديدات المزيد من التدهور البيئي  وخلق عالم أكثر استدامة. وكما ذكر جوناثان ساكس، العضو السابق في مجلس اللوردات البريطاني، في كتابه الشهير "كرامة الاختلاف":



" لقد لعبت الحملات التي شنّت ضد الشركات دورا هاما في تحفيزها على توخي قدر أعظم من الحذر، حتى لا يتم انتاج سلعها في ظروف عمل غير مقبولة مقابل اجور زهيدة. ان القرارات التي نتخذها جميعنا، سواء كانت تتعلق بطريقة عيشنا، اوعملنا، اوسفرنا، اواستهلاكنا، تساهم في تشكيل بيئة وتغييرها. إن التفكير والتصرف بناء على القيم الاخلاقية، والقيام بما هو صحيح لأنه صحيح، يؤثر على الآخرين؛ ويبدأ في خلق جو من تضارب الآراء؛ فالخير مثل الشر، معدٍ. ما من شيء يرغمنا على تقبل ما هو غير مقبول. والشيء الوحيد الذي يجعل الاتجاهات الاجتماعية أو الاقتصادية حتمية هو الاعتقاد بأنها حتمية. والدراما التي تتكشف فصولها في القرن الحادي والعشرين هي واحدة من تلك الدراما التي شاركنا في كتابتها".



ولهذه الاسباب، نحن الأجيال الحالية، سئمنا مؤتمرات "يقولون فيها ما لا يفعلون" التي فشلت في مواجهة أزمة المناخ والتي اثقلت اعباءها كاهلنا، حيث يتكرر مشهد قادة العالم وهم يلقون بعض "الخطابات والمواعظ الرناّنة" للحفاظ على "الوضع الراهن" بينما "هم غارقون في غسلهم الأخضر وكلماتهم الفارغة". في آخر المطاف، نقر ونعترف ان جزءا" من ادعاءات الناشطة جيريتا ثونبرج كانت صحيحة، فلطالما كان قادة العالم على دراية بأزمة المناخ، ومنذ ذلك الحين، لم يحدث أي تغيير جذري. فنحن ما زلنا نواجه نفس خطر الانقراض الذي واجهناه  قبل سنوات، خطر الانقراض بسبب الانهيار البيئي والتغير المناخي.



. هذا المقال يرد ضمن الاصدار الخاص للنشرة الشهرية لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية لشهر تموز/يوليو 2024.  شارك في اعداده شباب وشابات من الشبكة العربية للشباب. الآراء والأفكار المطروحة في هذه المقالات تعبر عن وجهات نظر الكتاب ولا تعكس بالضرورة السياسة أو الموقف الرسمي للشبكة العربية.

حول الشبكة العربية للشباب:
تسعى الشبكة الشبابية الى توفير منصة اقليمية للشباب والشابات من مختلف دول المنطقة لسماع أصواتهم ، وتعزيز تفاعلهم مع مختلف قضايا التنمية وحقوق الانسان، وانخراطهم في التأثير على السياسات العامة.



احدث المنشورات
Jul 30, 2024
نظام الكفالة في لبنان: بين العبودية والاتجار بعاملات المنازل
Jul 30, 2024
الحقوق المائيّة في فلسطين: ممارساتٌ إسرائيليةٌ مجحفة