Nov 06, 2024
النساء في الحروب: التحديات والتغيير الاجتماعي

النساء في الحروب: التحديات والتغيير الاجتماعي



تشهد المنطقة العربية العديد من الحروب والنزاعات التي بدأت في العقود الماضية، ولا تزال تأثيراتها السلبية تتعمق في المجتمع، وتنعكس على جميع أطيافه، وبشكل أساسي النساء أكثر الفئات تضررًا، حيث يعانين من العنف والتمييز والفقر. وفي ضوء الحروب المشتعلة حاليا بالمنطقة العربية، والقتل والتدمير المتواصل على مدار سنة بلا هوادة على سكان غزة ولبنان والسودان واليمن وسوريا، قررت الشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية تخصيص نشرة شهر نوفمبر لقراءة نسوية للنزاعات والحروب القائمة. تهدف هذه النشرة إلى تقديم قراءة نسوية-سياسية لما يجري في المنطقة، مسلطة الضوء على انعكاسات النزاعات على النساء والفتيات.



يُظهر تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان أن أكثر من 30% من النساء في مناطق النزاع يواجهون أشكالًا من العنف الجنسي، مما يسلط الضوء على حجم المعاناة التي تعيشها النساء في هذه الظروف القاسية .(UNFPA, 2022) وفقًا لتقرير منظمة العفو الدولية، فإن النساء والفتيات يُستخدمن كأداة حرب في النزاعات المسلحة، مما يؤدي إلى زيادة حالات الاغتصاب والاعتداء (Amnesty International, 2023).  



في سوريا، على سبيل المثال، وثقت العديد من المنظمات غير الحكومية حالات اعتداء جنسي ممنهج ضد النساء في المناطق الخاضعة للسيطرة العسكرية. كما تبرز ممارسات الاغتصاب في الحرب السودانية كواحدة من الظواهر التي تهدد منظومة الثقافة القبلية، حيث يتم انتهاك شرف النساء في إطار الأزمات، مما يتطلب التفكير في كيف ستتأثر المنظومات الثقافية عقب انتهاء الحروب.



إضافةً إلى ذلك، يتعرض العديد من النساء للتهجير نتيجة الصراعات. تشير التقارير إلى أن حوالي 13.5 مليون امرأة سورية قد تعرضن للنزوح الداخلي أو الهجرة إلى بلدان أخرى بسبب الحرب (UNHCR, 2023). في غزة ولبنان، تعيش النساء تحديات مماثلة، حيث يضطررن للعيش تحت ضغط الأزمات الإنسانية المستمرة.



تؤثر النزاعات بشكل كبير على الاقتصاد، مما يزيد من معاناة النساء. فقدت العديد من النساء وظائفهن أو مصادر دخلهن، مما اضطرهن للعيش تحت خط الفقر. حسب تقرير البنك الدولي، فإن النزاعات في المنطقة العربية أدت إلى زيادة معدلات البطالة بين النساء إلى 25% مقارنة بالرجال (World Bank, 2022). في اليمن، تُظهر الإحصاءات أن أكثر من 80% من النساء لا يملكن مصادر دخل ثابتة بسبب الحرب، مما يجعلهن أكثر عرضة للاستغلال والإساءة (Oxfam, 2023).



تؤدي النزاعات إلى تدهور الخدمات الصحية، مما يترك النساء في حالة من الهشاشة. تُعتبر الرعاية الصحية الإنجابية إحدى أبرز المجالات المتأثرة. حسب منظمة الصحة العالمية، فإن 50% من النساء في مناطق النزاع لا يحصلن على الرعاية الصحية اللازمة أثناء الحمل والولادة (WHO, 2023). في اليمن، يعاني 2.2 مليون امرأة من مضاعفات الحمل بسبب عدم توفر الرعاية الصحية (UNFPA, 2023).



أما التعليم، فيتعرض أيضًا لتهديدات كبيرة. تشير تقارير اليونيسف إلى أن 7.5 مليون فتاة في المنطقة العربية حُرمن من التعليم بسبب النزاعات المسلحة (UNICEF, 2022). في العراق، بعد الحرب، انخفضت نسبة الفتيات في التعليم إلى 30% فقط، مما يزيد من معدلات الأمية ويعوق فرصهن في المستقبل.



تأثير الذكاء الاصطناعي



تشهد الحروب المعاصرة، ومنها حربي غزة ولبنان الحاليتين، استخدامًا متزايدًا للتقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، مما يؤثر بشكل كبير على وضع النساء في مناطق النزاع. تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف العسكرية وتنفيذ الهجمات، مما يعزز من دقة الهجمات لكنه يزيد أيضًا من تعرض النساء والأطفال لخطر أكبر. فمع وجود تقنيات مثل الطائرات بدون طيار، يتم استخدام بيانات تعتمد على الخوارزميات لتحديد الأهداف، مما قد يؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. النساء، باعتبارهن جزءًا من المجتمع المتضرر، يُحرمِن من الحماية اللازمة وهن الأكثر عرضة للعنف والاستغلال.



دور النساء في النزاعات



رغم التحديات، تلعب النساء أدوارًا مهمة في المجتمعات المتأثرة بالحروب. تتزايد قصص النساء اللواتي يقمن بقيادة مبادرات للسلام وإعادة البناء. في سوريا، تنظم النساء برامج للتوعية وتقديم الدعم للنازحين، مما يعكس قوة إرادتهن ومرونتهن في مواجهة التحديات. هذه المبادرات تظهر كيف يمكن أن تكون النساء قوة للتغيير، حيث يؤكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن إشراك النساء في عمليات السلام يمكن أن يزيد من فعالية الحلول المقترحة (UNDP, 2022).



في الوقت نفسه، يتزايد الحراك النسوي كقوة فاعلة في مواجهة التحديات التي تواجه المجتمع. في الحرب الحالية في لبنان، تقود العديد من النساء مبادرات ناشطة لإيواء النازحين وتقديم المساعدات لهم. وفي العراق، اتحدت النساء الناشطات لتشكيل تحالفات تدعم حقوقهن في المشاركة السياسية والاجتماعية. بعد الاحتجاجات في عام 2019، تم تشكيل مجموعات نسوية تهدف إلى تعزيز دور النساء في السياسة وصنع القرار، حيث أُطلقت مبادرات لتأهيل القيادات النسائية وتعزيز تواجدهن في المفاوضات السياسية.



تسعى الأجندة النسائية للسلام والأمن (UNSCR 1325) إلى تعزيز دور النساء في عمليات السلام والتعافي بعد النزاعات. تنص هذه الأجندة على أهمية إدماج النساء في جميع مراحل عمليات السلام، بدءًا من التخطيط وصولاً إلى التنفيذ. ومع ذلك، لا تزال النساء تواجه تحديات كبيرة في تحقيق هذه الأهداف، مثل نقص الدعم السياسي والموارد اللازمة.



في خضم هذه الأوضاع، وما تحتاجه النساء في مناطق الحروب إلى دعم حقيقي ولسياسات تحمي النساء من العنف وتعزز حقوقهن. تتطلب هذه السياسات تعاونًا بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع الدولي. ينبغي أن تشمل الاستراتيجيات أن تكون النساء في صلب هذه الجهود وأن تشارك في عمليات صنع القرار.



إن وضع النساء في المنطقة العربية في ظل الحروب يتطلب اتخاذ خطوات جادة لتحسين حياتهن. من الضروري تقديم الدعم للنساء النازحات والمجتمعات المحلية لضمان استعادة الاستقرار. من خلال تعزيز مشاركة النساء في عملية صنع القرار ودعم مبادراتهن، يمكننا بناء مجتمعات أكثر عدلاً واستقرارًا.



لكن من هنا، ترغب الشبكة في تخصيص هذه النشرة لوضع النساء في الحروب، ليس فقط لتسليط الضوء على الواقع والتحديات، بل أيضًا للتفكير في البدائل والخطابات البديلة وطرح الأسئلة المحورية التالية على باحثات ونسويات في المنطقة العربية:


1. ما هي التحديات التي تواجه النساء في سياق الحروب وكيف تطورت الحركة النسوية للتعامل معها؟

2. كيف أدت الصراعات إلى إعادة تعريف أدوار النساء؟

3. ما هو تأثير الحروب على التضامن النسوي على المستوى العربي؟




المراجع

1. UNFPA. (2022). State of World Population 2022: Seeing the Unseen. United Nations Population Fund.

2. Amnesty International. (2023). War on Women: Sexual Violence in Armed Conflicts. Amnesty International.

3. UNHCR. (2023). Global Trends: Forced Displacement in 2022. United Nations High Commissioner for Refugees.

4. World Bank. (2022). Women, Business and the Law 2022. The World Bank.

5. Oxfam. (2023). The Hidden Impact: Women in Conflict Zones. Oxfam International.

6. WHO. (2023). Reproductive Health in Conflict Settings. World Health Organization.

7. UNFPA. (2023). Humanitarian Response in Yemen: A Focus on Women's Health. United Nations Population Fund.

8. UNICEF. (2022). Education Under Fire: The Impact of Conflict on Girls' Education in the Arab Region. United Nations Children’s Fund.

9. UNDP. (2022). Gender and Peacebuilding: Women’s Participation in Peace Processes. United Nations Development Programme.

10. UNSCR 1325. (2000). United Nations Security Council Resolution 1325 on Women, Peace and Security.


احدث المنشورات
Dec 07, 2024
النشرة الشهرية لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024
Dec 03, 2024
الديون السيادية في المنطقة العربية: بين استدامتها وعدالة السياسات الضريبية - أحمد محمد عوض