بيان 3 - الإعانات الحكومية ليست هي الحل بأي حال
تجمع خبراء الحماية الاجتماعية المستقلين
بيان 3 - الإعانات الحكومية ليست هي الحل بأي حال
8 كانون الأول/ديسمبر 2020
عطفًا على بياناتنا السابقة وتعبيرها المستمر والمتكرر عن أهمية وإلحاح مسألة الحماية الاجتماعية الشاملة، نؤكد في تجمع خبراء الحماية الاجتماعية المستقلين أنه لا يمكن للدعم أو إلغاءه أن يكون حلًا للتعامل مع استمرار اللامساواة والظلم في البلاد. كما نجدد التأكيد في خضم الأزمات التي يشهدها لبنان على الحاجة الملحة لتفعيل إطار شامل للحماية الاجتماعية، يرتكز على عقد اجتماعي ويضمن الحماية للجميع طوال حياتهم.
ماذا نقصد بالدعم؟
الدعم هو نوع من الإعانة الاجتماعية، يشبه التحويلات غير القائمة على الاشتراكات النقدية وشبه النقدية (مثل قسائم الطعام) أو المساعدة العينية، وهو يتألّف من آليات تتيح للدولة دعم سلع أو خدمات معيّنة ماليًا، وبيعها على المستوى الوطني بأسعار منخفضة. بشكل عام، يعتمد صنّاع السياسات على الدعم كأداة للحماية من تقلبات الأسعار، وتخفيف حدة الفقر، والحفاظ على مستويات المعيشة، وهو يُستخدم عادة خلال الأزمات للاستجابة للتوترات الظاهرة. يعكس الدعم شكلاً رجعيًا من المساعدة، فمن ناحية، يصعب تحديد أثره على الأسر الأكثر فقراً، ومن ناحية أخرى، قد تستفيد شرائح الدخل المتوسط والعالي من السكان من بعض الخطط من دون حاجة فعلية، وخاصة عندما يكون الدعم شاملًا ولا يتم توجيهه ضمن آلية استهداف مناسبة، مما يؤدّي بدوره إلى تغييب فعالية الإعانة.1
الدعم في لبنان حاليًا
مرارًا وتكرارًا، تتجاوز النخبة الحاكمة مؤسسات الدولة وقوانينها في مسار صنع سياسات زبائني يهدف لتوزيع الغنائم. وقد أدّى اختلال وظائف الدولة وعدم كفاءة النخبة على مدى العقود الماضية إلى أزمات اقتصادية كلّية ومالية ونقدية متعددة، بدأت تقوم، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019، في سياق حالة اجتماعية جنينية.
من خلال تبنّي سياسات الحماية الاجتماعية كنوع من إدارة المخاطر، اعتمد لبنان على الدعم الذي أدّى إلى استنزاف موارده الشحيحة. أمّا إدارة المخاطر الاجتماعية فهي عبارة عن إطار حماية اجتماعية تكيفي يركز على الفئات الضعيفة ويعتمد على الاستهداف من خلال التحويلات النقدية وإصلاحات تتعلّق بدعم الغذاء. يسمح هذا الإطار بالحفاظ على الوضع السياسي الراهن من خلال تحديد أولويات لكفاءة الميزانية، بعيدًا عن التماسك الاجتماعي أو الأهداف التحويلية. وبالفعل، يفسّر بعض المراقبين ظهور الصراع الاجتماعي كنتيجة للزيادات المتسارعة في أسعار المواد الغذائية، حيث تظهر البيانات الأخيرة أن قسمًا لا يستهان به من السكّان اللبنانيين يعانون من غياب الأمن الغذائي، وقد عبّر نصفهم تقريبًا عن قلقهم من عدم تمكّنهم من تحمّل أسعار الأغذية.
ضمن هذا السياق، واستجابة لأزمة سعر الصرف وتأثيرها على الأسعار المحلية، لجأ لبنان إلى دعم الواردات من السلع الحيوية كالوقود والأدوية والقمح بسعر الصرف الرسمي ( 1515 ليرة لبنانية = 1 دولار أمريكي)، مستعينًا بسياسة نقدية يعتمدها البنك المركزي، بالإضافة إلى دعم سلّة غذائية منذ تمّوز/يوليو 2020 (3850 ليرة لبنانية = 1 دولار أمريكي). لكن، لا يمكن لمثل هذه الأشكال من الدعم أن تعالج تزايد الفقر بين السكّان، وانعدام قدرتهم على الوصول إلى حقوق وخدمات الحماية الاجتماعية الأساسية.
لماذا إلغاء الدعم؟
اليوم، وفي سياق الأزمات الحادة متعددة المستويات في لبنان، وفي ظل غياب السياسة الاجتماعية الشاملة أو خطة لتخفيف الآثار الاجتماعية، تم اقتراح إلغاء الدعم كحل سريع ووسيلة للخروج من الأزمات. وهذا يعني، من الناحية العملية، أن أسعار السلع المذكورة أعلاه لن تكون مرتبطة بسعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، مما يعني ارتفاع الأسعار والتكاليف على المستهلكين. ورغم اعتبار أن الإلغاء الجزئي للدعم قد يؤدّي إلى حل سياسي محتمل، فإن التنازل عنه سيتسبب في تأثير اجتماعي كبير على الفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ويُعتبر ارتفاع سعر الدواء من أخطر الآثار على السكان بشكل عام وعلى رأس مال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشكل خاص. تجري مناقشات إلغاء الدعم وسط نقص صارخ في البيانات الدقيقة عن الاحتياطيات المتاحة، كما تفتقر العملية إلى أي تخطيط استراتيجي بسبب غياب الكفاءة لدى نخبة الدولة وخوف الأخيرة من اندلاع الاضطرابات الاجتماعية في حال قرار إلغاء الدعم.
لن نرضى بأقل من الحماية الاجتماعية الشاملة
من وجهة نظرنا القائمة على أهمية وإلحاح الحماية الاجتماعية الشاملة، يكرر التجمع أن الدعم كآلية للإعانة الاجتماعية لا يشكّل حلًا للمظالم الاجتماعية طويلة الأمد ومستويات الفقر المذهلة.
وعلى أي حال، يجب ألّا تتحوّل الموارد اللازمة للدعم من الاحتياطيات الإلزامية للبنك المركزي، الذي من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على السكان، وينبغي الاستفادة من المصادر الأخرى مثل الضرائب التصاعدية، وإعادة رسملة البنوك، فضلاً عن آليات المساءلة التي تضمن استرداد الأموال المسروقة. وفي هذا السياق، يبدو أن التحويلات النقدية المستهدفة الأسر المتضررة والتي تعتمد على المديونية الإضافية للدولة لن تكون فعّالة أو مفيدة، لأن أكثر من نصف السكان أصبحوا فقراء بالفعل وسوف ينضم إليهم مزيد من المتأثرين بعمليات إلغاء الدعم المرتقبة.
بعد التشكيل العاجل لمجلس الوزراء، يجب مراجعة سياسات الدعم بعناية ضمن إطار شامل للحماية الاجتماعية مصحوب بحوار اجتماعي واقتصادي. وأخيرًا، نحث بشدة على بذل جميع الجهود والقوى للعمل معًا بشكل عاجل لسياسة اجتماعية شاملة.2
ليا بو خاطر
ماري نويل أبي ياغي
سالي أبي خليل
سامي زغيب
مهى شعيب
جيلبر ضومط
لارا فغالي
شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية
الرجاء الضغط هنا للائحة التواقيع او الضغط هنا للتوقيع.
المراجع:
1- من السهل عادة إدارة الدعم الشامل واستخدامه للاستجابة للأزمات الكبيرة. لكن الدعم المستهدف يصبح ضروريًا إذا كانت الموارد محدودة أو في حال كان الدعم الشامل قد يؤدّي إلى التسريب والاستبعاد.
2- كما ذكرنا سابقًا في حزيران 2020:
الرجاء الضغط هنا
وفي نيسان 2020:
الرجاء الضغط هنا