الدَّيْن العام وحقوق الإنسان في المغرب

الدَّيْن العام وحقوق الإنسان في المغرب

الدَّيْن العام وحقوق الإنسان في المغرب

إعداد الأستاذ رياض مكوار


مقدّمة


تُشكِّل قضيّة حقوق الإنسان ركيزة أساسية في أيّ استراتيجية للنموّ الاقتصادي والتنمية المستدامَيْن. وتنبع هذه الأهمّية من اتّساع المجالات المعنيّة، ومن طابعها الشمولي، ومن بُعدها الأخلاقي الجوهري.


لكنْ، لا بدَّ من التأكيد على نقطة حاسمة: لا يمكن أن يقتصر تعزيز حقوق الإنسان وضمان تحقيقها على مجرّد إعلانات النوايا. ففعاليّتها مشروطة بتنفيذ سياسات عامّة مُنسَّقة ومبنيّة على إجراءات مُنظَّمة ومُخطَّطة وواقعية، بعيدًا عن أيّ اعتبارات ديماغوجية.


بمعنى آخر، وعلى الرغم من أنّ المشروعية الأخلاقية لحماية حقوق الإنسان لا جدال فيها، يبقى من الضروري تفادي توظيفها سياسيًّا.


فلا ينبغي لحقوق الإنسان أن تُستعمَل كأدوات ظرفية للتنظيم الاجتماعي، ولا أن تُختزَل إلى مجرّد آليات لتبديد التوتّر الاقتصادي أو المجتمعي.


ينبغي أن تُعتبَر هدفًا جوهريًّا من أهداف العمل في الشأن العام.


ومن هذا المنظور، تُصبِح مسألة تمويل هذه الحقوق، ولا سيّما عبر اللجوء إلى الدَّيْن العام ، أمرًا لا مفرّ منه. وقد أظهرت التحليلات الأولى أنّ قضيّة الدَّيْن العام لا يمكن فصلها عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الدولة. كذلك، فإنّ العلاقة بين التنمية البشرية، القائمة على حماية الحقوق الأساسية، وعمليّة النموّ الاقتصادي، باتت اليوم معترفًا بها على نطاق واسع في المجتمع الدولي.


ويستند هذا الاعتراف إلى مبدأ أساسي، وهو أنّ الكرامة الإنسانية هي حجر الأساس في أيّ مشروع تنموي.


وفي هذا السياق، تَستدعي حالة المغرب طرحَ عددٍ من التساؤلات الأساسية:


هل هذا الرابط مُثبت بشكلٍ ملموس، أم لا يزال مجرّد طرح نظري؟

هل يمكن، بصورة موضوعية، إقامة رابط بين حجم الدَّيْن العام وهيكله من جهة، وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، كمًّا ونوعًا، من جهة أخرى؟

هل من الممكن تقييم استدامة الدَّيْن من دون ربطه بتحليل الأداء الاقتصادي والاجتماعي الفعلي؟


إنّ التطرّق إلى هذه التساؤلات يُعَدّ أمرًا ضروريًّا لتحقيق فهم دقيق للتفاعلات بين سياسة الدَّيْن وحقوق الإنسان وديناميات التنمية الاقتصادية.


وتتمحور الإشكالية المركزية المطروحة حول طريقة تمويل هذه الحقوق، وهو ما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرة الاقتصاد الوطني على إنتاج ثروة إضافية تُلبّي هذه الاحتياجات، وعلى تسديد الديون عند الاقتراض.


وسيُفضي بنا ذلك، أوّلًا، إلى دراسة التوجّهات الرئيسية التي يشهدها الاقتصاد الوطني نتيجةً للاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية المُعتمَدة.


وفي مرحلة ثانية، سنعالج قضيّة الدَّيْن العام بصفتها ضرورةً ناتجة عن عجز المالية العامّة، مع التركيز على هيكله والمخاطر التي يطرحها، ولا سيّما في ما يتعلّق باستدامته.


التقرير الكامل

الدَّيْن العام وحقوق الإنسان في المغرب

الملخص التنفيذي